رئيس التحرير
عصام كامل

الإمام الأكبر "خط أحمر"


لا يمكن لمن يتابع الساحة حتى من بعيد، أن يفصل بين تسمم المئات من قاطنى مدينة "الأزهر" الجامعية، وبين بعض الأحداث المصرية فى الفترة الأخيرة، إذ إنها تتلاقى جميعا عند الإساءة لمكانة ورمزية الإمام الأكبر، د.أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف.


وإلا لماذا يزج باسمه فى موضوع التسمم؟، ولماذا يرفع بعض الطلبة لافتات تحمل الخط والشعار نفسه، داعية إلى تغيير شيخ الأزهر؟!.

وحتى لا يتهمنا أنصار الجماعة المنحلة ومؤيدو الهرولة المصرية تجاه إيران، بالدفاع عن المخطئ أيا كان، فإننا ندين بشدة إهمال جسيم أدى لتسمم الطلاب، ونشدد على وجوب محاسبة المخطئ وأيضا من يحركه لغرض فى نفس يعقوب، لكننا نتوقف فى الوقت ذاته عند تكرار حدوث التسمم خلال الفترة الأخيرة، كما نستغرب زيارة الرئيس للضحايا، فى حين لم يفعلها مع ضحايا كثيرين يسقطون فى مصر بشكل يومى، كما نسأل رافعى اللافتات فى الجامعة أين كنتم عندما قتل أكثر من 50 طفلا أزهريا فى حادثة قطار أسيوط؟، ولماذا لم تطالبوا بإقالة هشام قنديل حينها؟!.

لكن لتعلموا ومن معكم أن الإمام الأكبر "خط أحمر"، ولن تتمكنوا من النيل منه، فهو قمة هرم أهل السنة فى العالم، ومؤسسة بحجم منارة الأزهر الشريف لا يمكن أن تنساق خلف توجهات السلطة والسياسيين، لأنها مستقلة ومواقفها نابعة من تاريخ متجذر لأكثر من ألف عام، ولا يمكن لمن يتولى قيادتها أن يجعل الدين مطية لإرضاء السياسيين والحكام.

مواقف شيخ الأزهر مشرفة وتعكس ثبات الرأى والقيم والانحياز للحق غير آبه بمن فى الحكم، أو من يريد تمكين جماعته وابتلاع البلد، فضيلته لم يرضخ للسلطة وأعلن رفضه القاطع للصكوك الإسلامية، لأنها تحقق مصالح فصيل واحد ولن تستفيد منها مصر، "بس الجماعة مستعجلين عايزين صكوكهم تمر بأى شكل ويتحرق الشعب"، والحل طبعا أن يتخلصوا من الإمام الأكبر، ولأن منصب شيخ الأزهر محصن من العزل بالقانون، فلابد من إثارة الغضب الشعبى ضده، وأنه غير مرغوب فيه وهكذا تخلو لهم الساحة، ومن تابع قناة "الجزيرة" الحقيرة والموتورة، وهى تؤجج الطلبة لضرورة تغيير سياسات الأزهر وأسلوب إدارته، لأدرك أن التسمم أمر مدبر لهدف تريده الجماعة!!.

وفضلا عما سبق، ليس بعيدا عنا موقف شيخ الأزهر الحاسم تجاه الإيرانى أحمدى نجاد، حين أبلغه "رفض الأزهر الشريف ما يحدث فى إيران من سب الصحابة وأمهات المؤمنين، كما احتج أيضا على محاولات إيران نشر التشيع فى مصر، وإنها ستظل معقل أهل السنة، كما طالبه بعدم التدخل فى شئون دول الخليج، واحترام استقلال البحرين كدولة عربية"، وعندما أعلن ذلك الشيخ الشافعى مستشار الأزهر فى المؤتمر الصحفى غضب نجاد وهدد بالانسحاب.. لكن هل تترك إيران موقف شيخ الأزهر المتشدد تجاهها يمر مرور الكرام فى مفاوضاتها مع "الحلفاء الجدد" الإخوان المسلمين؟!.

وفى الشأن الإيرانى أيضا، يجب ألا يغيب عنا ماقاله المفكر السياسى الكويتى والنائب السابق د.عبدالله النفيسى، حول عرض إيرانى قدمه وزير الخارجية صالحى، لمساعدة مصر بـ 30 مليار دولار، وزيارة 5 ملايين إيرانى لمصر سنويا، وإعادة تشغيل المصانع المصرية المتوقفة عن العمل، مقابل "استحواذ إيران على المساجد التى بناها الفاطميون فى مصر لإعادة ترميمها وتحمل مسئولية إدارتها، ثم تخصيص أكثر من صحيفة تكون لسان حال إيران فى القاهرة، أما ثالثة الأثافى فهى أن ترسل مصر سنويا 20 ألف طالب للدراسة فى الحوزة الشيعية فى قم".. طبعا الشروط الإيرانية تعنى أن تتحول مصر رسميا إلى دولة شيعية، وهو ما حذر منه ورفضه الإمام الأكبر د.الطيب ومعه الشعب كله، وبمعنى آخر فإن الإخوان لن ينالوا المليارات الإيرانية مادام الطيب فى موقعه، وهكذا تتضح بعض خيوط المؤامرة الإخوانية، وما خفى كان أعظم.
الجريدة الرسمية