رئيس التحرير
عصام كامل

الأشباح تسكن شقق الإسكان الاجتماعي.. وحدات المشروع تتحول لكتل خرسانية مهجورة.. نقص الخدمات والمرافق وفرص العمل طفّش المواطنين.. وتعميم النموذج الواحد أبرز أسباب الفشل

فيتو

تحولت شقق الإسكان الاجتماعي في بعض المدن الجديدة لكتل خرسانية مهجورة بالصحراء، طاردة للسكان؛ نتيجة غياب المرافق والخدمات الأساسية، عن تلك الوحدات علاوة على غياب المواصلات، وكل صور الخدمات من مستشفيات ومدارس وأقسام شرطة، بالإضافة لعدم توافر فرص العمل لجذب المواطنين للسكن بها، ومن الأخطاء الكبرى في المشروع اعتماد وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة، نموذجا واحدا لوحدات المشروع في كل محافظات وأقاليم مصر، بالرغم من اختلاف ظروف الطقس والمناخ والعادات والتقاليد والظروف العامة المحيطة بالمواطنين بتلك المحافظات والأقاليم، ونموذج الوحدات السكنية الملائم لمحافظات الصعيد يختلف عن المدن الجديدة بالقاهرة الكبرى، عن محافظات الوجه البحري، وسيناء والمناطق الجديدة مثل توشكى وشرق العوينات وغيرها.


وشهدت إعلانات الوزارة لطرح الوحدات السكنية ببعض المناطق مثل: "سوهاج الجديدة، وطيبة الجديدة، وأسوان الجديدة، وبني سويف الجديدة، وتوشكى الجديدة"، عزوف وضعف الإقبال على حجزها خلال 8 الإعلانات التي طرحتها الوزارة خلال العامين السابقين، علاوة على أن عزوف المواطنين المخصص لهم الوحدات بتلك المناطق على السكن بها.

وتنفذ هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة حاليا 348 ألف و492 وحدة سكنية في 22 مدينة، ضمن مشروع الإسكان الاجتماعي، كما تم الانتهاء من تنفيذ نحو 49 ألف و12 وحدة سكنية، بالمرحلة الأولى للمشروع موزعة كالتالي: 13260 وحدة سكنية بالعاشر من رمضان و2280 في 15 مايو و3740 بالسادات، و5304 بني سويف الجديدة، و3792 أسيوط الجديدة، و3168 سوهاج الجديدة، و7848 بدر، و1720 أسوان الجديدة، و3720 طيبة الجديدة، و1420 قنا الجديدة، و1464 المنيا الجديدة، و1464 القاهرة الجديدة، و336 النوبارية الجديدة، والعبور 380 وحدة سكنية، و1800وحدة سكنية في برج العرب و120 وحدة بالفيوم الجديدة، والشروق 552 وحدة سكنية. 

وجار أيضًا تنفيذ 52 ألف و460 وحدة ضمن المرحلة الأولى لمشروع الإسكان الاجتماعي، وجار تنفيذ 247 ألف و20 وحدة سكنية ضمن المرحلتين الثانية والثالثة.

علق الدكتور مجد الدين إبراهيم وكيل وزارة الإسكان الأسبق، رئيس الجمعية المصرية للتمويل العقاري قائلا: «إن هجرة المواطنين أو إشغالهم للوحدات السكنية مرتبطة بالأساس بمدى توافر الخدمات والمرافق الأساسية لهذه الوحدات، وقربها من مقر العمل أو خلق فرص عمل بديلة لهم»، وشدد على ضرورة إعداد وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة والمركز القومي لبحوث الإسكان الدراسات والأبحاث اللازمة لتحديد الأماكن المناسبة لبناء الوحدات السكنية حتى لا تتحول لكتل خرسانية مهجورة، دون الانتفاع بها بشكل حقيقي.

وتساءل: هل أعد المركز الدراسات اللازمة قبل بناء الوزارة لآلاف الوحدات السكنية بالمدن الجديدة، وخاصة البعيدة عن القاهرة الكبرى، مثل سوهاج الجديدة وأسوان الجديدة وطيبة الجديدة وغيرها من المدن الجديدة؟، وأكد على ضرورة مراجعة خطط إنشاء مشروع المليون وحدة سكنية بهذه المدن وتحديد مدى جاذبية تلك المدن للمواطنين، وتحديد الإجراءات المطلوبة لجعلها جاذبة للسكان حتى لا نهدر مليارات الجنيهات في تلك المشروعات دون الاستفادة منها كما يجذب.

وأشار إلى أن عدم جاذبية تلك المدن وعدم توافر فرص العمل المناسبة، وغياب الخدمات والمرافق الأساسية جعلها طاردة للسكان، وساهمت في هجرة المواطنين للقاهرة والإسكندرية وصارت أحد الأسباب الرئيسية لانتشار حزام المناطق العشوائية للقاهرة الكبرى، لافتا إلى أهمية توفير المرافق والخدمات من مدارس ومستشفيات وأقسام شرطة بهذه المشروعات حتى تكون جاذبة للسكان، مع توفير الوسائل الترفيهية المناسبة للمواطنين.

وكيل وزارة الإسكان الأسبق، شدد على أن المواطنين في أمس الحاجة لوحدات سكنية تناسب ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية، وانتقد تعميم نموذج واحدة لوحدات الإسكان الاجتماعي لجميع المحافظات والأقاليم المصرية بالرغم من اختلاف المناخ والعادات والتقاليد والظروف العامة المحيطة بالمواطنين، مشيرًا إلى أن نموذج الوحدات السكنية الملائم لمحافظات الصعيد يختلف عن المدن الجديد بالقاهرة الكبرى، عن محافظات الوجه البحري وسيناء والمناطق الجديدة مثل توشكى وشرق العوينات وغيرها، ولذلك فلابد من إجراء دارسات مسبقة لاحتياجات المواطنين قبل إنشاء وتدشين الوحدات السكنية حتى لا تتحول لأشباح في الصحراء.

واتفق معه المهندس الاستشاري عمرو علي، رئيس مجلس إدارة شركة "بيت العمارة" للاستشارات الهندسية، مؤكدًا أن مشروع الإسكان الاجتماعي سياسي بالدرجة الأولى ولا يسعى لخدمة وصالح المواطنين في المقام الأول، ولكن تطرحه الحكومة بغرض سياسي و"شو إعلامي" لكسب المزيد من الشعبية لدى المواطنين، مشيرًا إلى أن وحدات المشروع تحولت لكتل خرسانية وسط الصحراء ولا فائدة منها، والوضع الطبيعي هو إقامة مشروعات صناعية واستثمارية، ومن ثم بناء وحدات سكنية للعاملين بتلك المشروعات وليس بناء وحدات سكنية في الصحراء وبعيدة عن مقار العمل وتنقصها الخدمات والمرافق.

وأضاف الاستشاري أن بناء هذه الوحدات السكنية دون دراية بحجم واحتياجات المواطنين يعد إهدارا للمال العام، ومصلحة لشخصيات بعينها تنفذ المشروع دون تحقيق أي مصلحة حقيقية للمواطن أو المجتمع والاقتصاد المصري، لافتا إلى ضرورة اعداد خطة وإستراتيجية كاملة لتنفيذ مثل هذه المشروعات لتحقيق العائد المرجو منها.
الجريدة الرسمية