«الكينج» وأزمة السكر
لم يكن يخطر على بال أحد أنه في عام ألفين وستة عشر سيقرأ خبرا في مصر بعنوان" القبض على عامل في قهوة بسبب حيازة عشرة كيلو سكر" !! وإخلاء سبيله بكفالة ألف جنيه.. من الطبيعي جدا أن يكون لدى هذا العامل كمية كافية من السكر يقوم بتخزينها فهو لا يعمل في محل لبيع الفول؟!
مشاهد رأيناها جميعا على المواقع الإلكترونية وفيس بوك لمواطنين يزاحمون بعضهم في صور مريرة للحصول على اثنين كيلو سكر بخمسة جنيهات للكيس الواحد، حتى وصل بهم الحال لالتقاط السكر من الأرض في حالة تمزق الكيس!!
السوق المصري يشهد منذ نحو أسبوعين أزمة حادة في السكر للدرجة التي وصل فيها سعر الكيلو إلى تسعة أو عشرة جنيهات، وذلك إن وجدته في المحال.
لكن هل تعلم يا سيدي أن مصر تنتج من السكر ما یزید على ملیوني طن سكر سنویا، ويمثل هذا الإنتاج نحو 1.3% من إجمالي إنتاج السكر في العالم، وبذلك تحتل المرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط!! وهل تعلم أيضا أن الدولة تحتكر محصول قصب السكر، وتحتكر صناعته بستة مصانع تابعة لشركة السكر للصناعات التكاملية المصرية.
إذا كان الأمر كذلك فلماذا حدثت تلك الأزمة.. الأمر بدأ عندما تم نقل تبعية شركة السكر للصناعات من وزارة الاستثمار إلى وزارة التموين، والتي قامت باحتكار إنتاج الشركة من السكر، لتوفير استهلاك المواطنين عبر البطاقات التموينية.
وبعد تعديل النظم التموينية العام الماضي لم تستخدم الوزارة المنتج المصري من السكر في الحصص التموينية بسبب منافسة السكر المستورد ورخص ثمنه، حيث يبلغ سعر طن السكر المستورد 3800 جنيه مصري، بينما يبلغ طن السكر المصري 4200 جنيه، والمثير للدهشة أن السكر الخام المستورد من الخارج يتم تكريره في مصانع الشركة المصرية قبل طرحه في الأسواق.
ونتيجة احتكار وزارة التموين لتصريف منتج الشركة من السكر، واعتمادها على السكر المستورد، تكدس السكر المحلي في المخازن، وزادت خسائر الفلاحين والشركة، والتي تجاوزت 10 مليارات جنيه، وأصبحت صناعة السكر في مصر على شفا الانهيار.
من يتحمل مسئولية تلك الخسائر؟ من أين تأتي وزارة التموين بدولارات لاستيراد "سكر التموين" وهي لديها مخزون من السكر في الشركة المصرية؟ وتحت أي بند في الموازنة العامة يتم سحب الاعتمادات من البنك المركزي؟ من يتحمل فشل إدارة شركات الدولة وتدهور صناعة إستراتيجية مثل السكر وحدوث تلك الأزمة؟
وكالعادة في كل أزمة نسمع تبريرات حكومية من عينة جشع التجار والحصار الخارجي وبالطبع الخلايا الإخوانية والتي استحدثت فرعا جديدا أطلق عليه السكرية، في حين تبقي المصارحة والمكاشفة دائما غائبة.
وليس ببعيد أن يخرج علينا هذه المرة أحد الخبراء ليتهم الكينج محمد منير بالتخطيط لإحداث الأزمة منذ عام 2001 عندما غنى " حبيبي عايزله سكر منين أجيبله سكر باب الحكومة مسكر وحبسوني وحبسوه".