رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا لا يثق المواطن فيما تقوله الحكومة؟!


تلك الفجوة الكبيرة بين المواطن والحكومة التي أعيت من يداويها والتي تضيق وتتسع بحسب قناعة المسئول وأفقه السياسي وقدرته على إعطاء كل ذي حق حقه.


ولا عجب والحال هكذا أن يختلج الناس شك عميق فيما تقوله الحكومة -أي حكومة- ويحملوها مسئولية ما هم فيه من عناء ومشقة وعشوائية وانفلات في الأسعار وفوضى في الأسواق وتدهور في الخدمات والمرافق رغم أن سوء سلوكيات بعض المواطنين أنفسهم جزء من المشكلة التي يعاني منها السواد الأعظم.

لا مفر أمام الحكومة من العودة لمربع الصفر، والبدء بأولويات المواطن وتحسين معيشته اليومية؛ فذلك هو الخيط الرفيع المفقود الذي إذا أمسكت به الحكومة فلسوف يقودها تلقائيًا إلى رضا المواطن وحماسه ودعمه ومساندته.. محاصرة آلام المواطن ضرورة.. وتوفير حياة كريمة بدءًا بالطعام والشراب، مرورًا بالصحة والتعليم، وانتهاء بتشغيل البطالة ومحاربة الجهل والتطرف والإرهاب فضيلة كبرى.

هناك إنجازات كبيرة، ومشروعات ضخمة يجري تنفيذها وهي مهمة وعظيمة؛ لكن المواطن لم يشعر بشيء من ذلك، ولا بتحسن ملموس في حياته لأنه ببساطة لم يجن منها حتى الآن ثمرة تيسر معيشته وتفرج كربه وتشرح صدره وتدخل السرور إلى نفسه.. فيزداد سخطه ونقمته على الحكومة ويتهمها بكل نقيصة وفشل، ويراها عاجزة عن إدارة الدولة ومواردها.. فالحكومات المتعاقبة -في رأيه- منذ عرفت مصر النظم السياسية المستقرة تتبع الأسلوب ذاته، وتأتي ردود أفعالها بطيئة إزاء كل مصيبة وحلولها غير مقنعة، تتعامل مع الشعب وكأنه بلا ذاكرة، فلا تكلف نفسها عناء المتابعة والتقويم المستمرين، واستقصاء ردود الأفعال على أرض الواقع، ولا تبذل جهدًا كافيًا لحل المشكلات وفق إستراتيجية مستديمة لا تتغير بتغير شخوص المسئولين.

ولعل أحد الأمراض المستعصية في مصر المركزية الشديدة لحكوماتنا، والتكلس الإداري، والتعامل مع المناصب السياسية بمنطق الموظفين الذين يعتمد كبارهم على صغارهم في كل شيء، والتعامل مع الأمور بمنطق "الآنية" وليس "المستقبلية" فكل مسئول ينسف ما فعله سلفه، ويبدأ من الصفر حتى صار هذا الصفر هو العنوان الأبرز والنتيجة المستحقة في مجالات كثيرة.. واستعلاء المواطنين على خلق الله ومعاملتهم بـ "سادية" غريبة وكأن رضا هذا المواطن أمرٌ لا قيمة له؛ ما خلق لدى الناس كراهية ونفورا من التعامل مع هؤلاء الموظفين.. ولا عجب أن تكثر الرشاوى في صورة إكراميات ولا يقضي الناس حوائجهم إلا بشق الأنفس.
الجريدة الرسمية