تزييف التاريخ بأثر رجعي!
شهدنا في الفترة الأخيرة – بمناسبة الاحتفال بالنصر في حرب 6 أكتوبر المجيدة- كتابات متعددة بعضها يتغنى بالنصر بلا حدود، وبعضها الآخر ينقد أداء الرئيس "السادات" بغير موضوعية!
والواقع أن هذه الكتابات الأخيرة التي سطرها بعض الناصريين وبعض أدعياء المفكرين تتناول أحداث أكتوبر، أو بمعنى أدق ما حدث بعد هزيمة يونيو 1967 بطريقة عاطفية لا تليق بكتاب جادين.
من ذلك مثلا أن "السادات" بإبرامه اتفاق "كامب دافيد" قضى على التضامن العربى الذي حققه "جمال عبد الناصر" بعد الهزيمة!
وفى هذا القول في الواقع تزييف للتاريخ!
لأن موضوع التضامن العربى الحقيقى أو المزعوم يحتاج إلى تحليل نقدى في ضوء الإيديولوجيات السياسية العربية المتضاربة فيما يتعلق بالكيان الإسرائيلى. بعض هذه الأيديولوجيات السياسية المتطرفة كانت ترى –على سبيل المثال- أن الصراع العربى الإسرائيلى "صراع وجود" بمعنى أن المسألة أشبه بمباراة صفرية إما نحن وإما هم.
ومن الواضح أنه في العلاقات الدولية لا تنجح كثيرا هذه "المباريات الصفرية" التي تقوم على "إبادة" الآخر حتى يتحقق النصر.
وهناك أيديولوجيات سياسية أخرى أكثر واقعية كانت ومازالت ترى أن الصراع العربى الإسرائيلى هو "صراح حدود" وأننا لكى نكون واقعيين علينا أن نقبل بقيام دولة فلسطينية على ما تبقى من أراضٍ بعد إنشاء دولة إسرائيل.
ومن هنا مارس "أنور السادات" بعد نهاية حرب أكتوبر دوره السياسي باقتدار باعتباره زعيما سياسيا واقعيا لا يرفع الشعارات المثالية التي تقوم على أساس الحصول على الكل أو لا شيء!
ووضع لنفسه هدفا محددا هو تحرير كل شبر من سيناء، ووفق في تحقيق هذا الهدف بالرغم من قبوله فكرة تقسيم سيناء إلى ثلاث مناطق أ، ب، جـ مع تحديد عدد القوات العسكرية المصرية في كل منطقة، وهذا الشرط هو الذي هاجمه أنصار المدرسة إياها وهى الكل أو لا شيء ولو استمع "السادات" إلى صيحاتهم لظلت سيناء محتلة حتى اليوم!
وظل هؤلاء يعايرون أي رئيس مصرى ويقولون له ماذا فعلت لتحرير سيناء؟
الآن سيناء محررة وبقى أن نركز جهودنا لتنمية حقيقية مستدامة لصالح الجماهير العريضة.
eyassin@ahram.org.eg