رئيس التحرير
عصام كامل

الوزير السياسي الغائب في أغلب حكوماتنا!!


الوزير السياسي فريضة غائبة في أغلب حكوماتنا، ولهذا تجد كل وزير متخصص في مجال وزارته، رغم أن التخصص ليس شرطًا واجبًا لشغل منصب الوزير في البلاد المتقدمة، ولهذا تراهم يولون امرأة مثلًا وزيرة للدفاع أو للداخلية، رغم أنها لم تخدم يومًا لا في الجيش ولا في الشرطة.. الوزير هناك صاحب رؤية تتفق مع سياسة الدولة، يسهر على تنفيذها اعتمادًا على مساعدين تكنوقراط أكفاء يفهمون كل تفاصيل العمل الفني، ويجيدون درجات الأداء المطلوبة، بدءًا من التخطيط السليم إلى التنفيذ الأمين للسياسات، وتقييم الأداء وكتابة التقارير اللازمة، والنقد الذاتي.. وهو ما نفتقده للأسف عندنا..


بل يصر وزراؤنا على التباهي بأنهم تكنوقراط لا علاقة لهم بالسياسة، وكأنها- أي السياسة- رجس من عمل الشيطان.. ولا عجب أن تخلو الساحة من الكوادر السياسية، ونفتقد الصفين الثاني والثالث في كل قطاع.. وليس مستغربًا أن تكثر الاعتذارات عند تشكيل كل وزارة، هربًا من تحمل المسئولية في زمن كثر فيه النقد والتطاول والتشكيك في كل شيء، وصار السجن أقرب للمسئول من النجاة بجلده من أوزار المنصب، وخطايا المنظومة الفاسدة التي ورثناها.

وحتى نكون منصفين فلا يصح أن نحمل الحكومة الحالية أوزار ما نحن فيه، ولا كراهية الناس لذوي المناصب؛ فالسابقون من المسئولين تركوا تلالا من الفساد والمشكلات التي آن الأوان أن يتعاون الجميع في حلها.. ورغم ما يقال عن حكومة إسماعيل وافتقادها الرؤية السياسية وبرنامج العمل والفارق الهائل في السرعات بينها وبين رئيس الجمهورية، وعدم تنفيذها لرؤيته بالسرعة والدقة المطلوبة، وعدم تواصلها مع الرأي العام كي تمهد لأي إجراءات صعبة تعتزم اتخاذها، ولجوئها إلى النفي المستمر لكل ما يحدث صدمة في الشارع..

كل هذا وغيره يجعل السؤال حتميا: ألا تستلزم مرحلة حاسمة وخطيرة كهذه سياسة حكومية مغايرة قوامها الصراحة والمكاشفة والحلول غير التقليدية، وإعلامًا إيجابيًا يخوض معارك الوطن لا معارك السبق والشهرة وتصفية الحسابات، وتعليمًا حقيقًيا يواكب العلم الحديث وسوق العمل واحتياجات العصر، وبحثًا علميًا يغير واقع مصر ويحولها من دولة استهلاك إلى دولة إنتاج.. وديمقراطية تزيد الوعي وتحفز الناس للمشاركة العامة وتبني قضايا الوطن وعدم الاكتفاء بديمقراطية الصندوق التي أخرجت لنا يومًا تيارًا اختطف الدولة ودفعها لحافة الاحتراب الأهلي؟

نحن في حاجة إلى حكومة تجيد صناعة التواصل والأمل والتوافق، حتى تنقذ البلاد مما هي فيه من مشكلات اقتصادية طاحنة بعدالة وجدارة واستحقاق.

الجريدة الرسمية