«الإفتاء» تستعيد الريادة الدينية لمصر.. تؤهل أئمة مساجد الأقليات المسلمة في مؤتمر عالمي برعاية السيسي.. تواجه خطر تيارات الإسلام السياسي على المجتمعات.. مواجهة ظاهرة «الإسلاموفوبيا»
تسير دار الإفتاء المصرية بخطى ثابتة نحو تجديد الخطاب الديني، ومواجهة الفتاوى المتطرفة داخليًا، وظاهرة «الإسلاموفوبيا» خارجيًا، عبر الجولات الخارجية للدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية ومستشاره الدكتور إبراهيم نجم، ومراصدها الإثنين اللذين وضحا الكثير من الحقائق منذ تدشينهما، وفندا الكثير من مزاعم التنظيمات الإرهابية، ما جعل البرلمان الأوروبي يعتمدها كمرجعية للفتوى.
دار الإفتاء المصرية لم تكتفِ بذلك فحسب، بل ذهبت لما هو أبعد من ذلك، ولم تتناسَ أن ضمن مسئولياتها تأهيل وتثقيف أئمة مساجد الأقليات المسلمة، عبر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، التي تم تدشينها العام الماضى بالقاهرة.
تحفيز المجتمع
يأتي ذلك، بعد أن كلف الرئيس عبدالفتاح السيسي المؤسسة الدينية أن تتخذ من الإجراءات ومن التدابير ما من شأنه أن يسهم في إيجاد خطاب ديني واعٍ بقضايا المجتمع، وخاصة قضايا التنمية وتحفيز المجتمع بسائر فئاته، وخاصة الشباب على العمل والإنتاج والسلوك الإيجابي البنَّاء، ولا يقتصر على نطاق التوعية في الداخل المصري ولكن إلى الخارج لاستعادة الريادة المصرية للفكر الإسلامي بل الإنساني في العالم كله من خلال تجديد معالم الدين الإسلامي.
وتعقد الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم مؤتمرها العالمي الأول بالقاهرة، يومى الإثنين والثلاثاء المقبلين تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي بعنوان «التكوين العلمي والإفتائي لأئمة المساجد في الأقليات المسلمة»، ضمن سعيها لتجديد الخطاب الديني الذي يضمن للأمة الإسلامية القيام بدورها الحضاري في الرقي بالمجتمعات وتنميتها، وباعتباره يرسم الخريطة الواضحة لمسيرة مواجهة الفكر بالفكر، ومعالجة الفكر السقيم بآخر صحيح معتدل، وكذا التفاعل مع قضايا الأمة الإسلامية بالداخل والخارج، ودفع كافة الشُّبه والأباطيل التي ألصقها مدَّعو التدين إلى الإسلام والمسلمين.
80 دولة
ومن المقرر أن يحضر المؤتمر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وعلماء ووفود من 80 دولة، وعدد من السفراء والوزراء ورجال الدولة المصرية، لبيان وتوفير السبل المحققة لتأهيل أئمة المساجد على الإفتاء الشرعي المنضبط المتسم بالوسطية والاعتدال وإدراك الواقع والمآل.
وتظهر أهمية المؤتمر من خلال الظروف والتحديات التي تواجه المجتمعات المسلمة المختلفة في العالم في التعامل مع آثار فوضى الفتاوى الناتجة عن تصدر المتطرفين دينيًا وغير المؤهلين علميًا.
وتتجلى أهمية المؤتمر في تحقيق أهداف الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم والتي من ضمنها جمع أكبر عدد ممكن من المشتغلين بالإفتاء الوسطي على مستوى العالم وتنسيق الجهود الرامية إلى الارتقاء بمهمة الإفتاء الشرعي في الحفاظ على المجتمعات من أخطار التطرف والفوضى المجتمعية.
الإسلام السياسي
ويسعى المؤتمر إلى مواجهة فعالة لتيارات الإسلام السياسي التي تسيطر على المراكز الإسلامية في البلاد التي توجد بها جاليات مسلمة، ما يؤدى إلى استعادة الريادة المصرية العالمية في المجال الديني والإفتائي، وخاصة أن تلك المراكز كانت تدين بالتبعية للدولة المصرية في منتصف القرن الماضي.
الفتاوى المتطرفة
ويهدف المؤتمر إلى التصدي للفتاوى المتطرفة، التي رأتها دار الإفتاء سببًا في هجرة الكثير من الشباب إلى الكيان الداعشي أو للقيام بعمليات انتحارية تخريبية في بلدان العالم، وخاصة الدول الإسلامية المحورية كمصر، مما يجعل من الضروري إيجاد بديل لها بين أبناء هذه الجاليات حتى لا تستمر هذه الجاليات مصدرًا رئيسًا لتصدير هؤلاء البشر المتفجرين، لما لتلك القضية من أهمية للأمن القومي المصري والعالمي.
ويسعى المؤتمر إلى مواجهة ظاهرة «الإسلاموفوبيا» التي باتت مشكلة تؤرق أبناء الجاليات المسلمة، خاصة أن أغلب الأفعال التي تتم يكون المتسبب فيها بعض المنتسبين إلى الإسلام بأفعالهم المملوءة بالكراهية، لذلك رأت دار الإفتاء أنه لا بد من وجود بديل لتلك الصورة المشوَّهة التي تزداد سوءًا إذا لم يتم تداركها.
ويهدف المؤتمر إلى تأهيل الكوادر الإفتائية في الجاليات المسلمة بسبب تبنيها مناهج غير معتدلة، الأمر الذي يمثل تهديدًا كبيرًا للمنهج الوسطي المعتدل، بعد أن لاحظت مراكز الأبحاث المهتمة بشأن الجاليات تراجع تبني المنهج المعتدل حتى لدى الباحثين الأكاديميين.
تأهيل أئمة المساجد
ويعمل المؤتمر على رصد أهم المشكلات التي تواجه تأهيل أئمة المساجد في مجتمعاتهم المسلمة والاتفاق على سبل حلها، والاتفاق على آلية التنسيق بين هيئات ودور الإفتاء المختلفة في العالم في ملف تأهيل أئمة المساجد على الإفتاء، والتواصل مع القائمين على المراكز الإسلامية المختلفة بهدف تقديم الاستشارات والبرامج التدريبية في ملف التأهيل ومواجهة القضايا الملحة.
ويسعى المؤتمر لسد الاحتياج الملح لدى الأقليات المسلمة بتوفير الدعم العلمي للمفتين المؤهلين ليكونوا سندًا لهذه المجتمعات ضد مشكلات التطرف وتهديد الهوية المسلمة، ووضع أسس المناهج التي تستهدف تأهيل أئمة المساجد على الإفتاء، ومواجهة ظاهرة «الإسلاموفوبيا» التي تتزايد بسبب الممارسات غير المسئولة لبعض المتطرفين عن طريق طرح حلول ناجعة وفعالة للتعامل مع هذه الظاهرة، وتقييم التجارب المختلفة للهيئات ودور الإفتاء المشاركة في المؤتمر في ملف التأهيل والتدريب، والعمل على إنشاء ملتقى جامع للمتخصصين في مجال دراسات وبحوث الأقليات المسلمة.