رئيس التحرير
عصام كامل

انتبهوا.. ما يهدد وجودنا كبير كبير !


إذا كانت ظروفنا الحالية وظروف أمتنا العربية في حال تشبه تلك التي سبقت حرب أكتوبر من استنزاف وضياع للحقوق والهيبة.. فإن السؤال: أليس حري بنا أن نستعيد روح أكتوبر المنتصرة.. أليس ما يهدد وجودنا كبيرا وكبيرا جدًا.. ألسنا في مرمى نيران القوى الدولية التي تحارب فوق أرضنا معاركها هي وليس معاركنا نحن.. وهى إما قوى تحاول استعادة مجد إمبراطوريتها الغابرة.. أو قوى تستميت في الدفاع عن مصالحها ونفوذها، وأخرى تبحث عن موطئ قدم لها في عالم تتشكل قواه الفعالة والمؤثرة على حساب وجودنا..


أليس ما يراد لنا من تقسيم وتقزيم واستلاب صريح لمقوماتنا ومواردنا أسوأ مما كنا عليه قبيل نصر أكتوبر.. ألم يكن قرار الكونجرس الأمريكي بإقرار قانون "جاستا" الذي يسمح -في سابقة دولية خطيرة- بمقاضاة الدول (والمقصود هنا الدول العربية والإسلامية) التي شارك أحد مواطنيها في شن هجمات 11 سبتمبر ضد أمريكا كافيًا لقرع أجراس الخطر على مسامعنا نحن العرب حتى نفـــوق قبل أن نخرج نهائيًا من التاريخ ونصبح أثرًا بعد عين.. أليس ذلك الخطر أدعى لاستعادة روح أكتوبــر التي ألفت بين قلوب العرب جميعًا؛ فناصروا مصر وسوريا وأمدوها بالسلاح والعتاد والمقاتلين.. وقبل هذا وذاك الدعم اللوجستي والسياسي اللامحدود؟!

ألا يكفي ما يحاك ضد العرب لاستنهاض روح العروبة والحضارة المنتصرة.. ألا يكفي ما نراه من ضياع دول وتجهيز المسرح لاستدراج أخرى في شراك المعارك المفتعلة للإجهاز على ما تبقى من جيوش العرب ودولهم التي نجت من عواصف الربيع العربي؟

محنتنا الكبرى في عالمنا العربي نتاج ما غرسناه في سنوات ما بعد النصر الكبير الذي أذهل العالم كله، واستعاد الأرض والعرض والشرف العسكري بانتصار حقيقي هو معجزة بكل مقاييس العقل والعلم.. لكننا سرعان ما انشغلنا في الغنائم والمكاسب العارضة وتخلينا عن الأسباب الحقيقية التي خلقت روح النصر في نفوس أشقاها انكسار الهزيمة وظلام النكسة.. لقد بدأ العد التنازلي لذبول روح أكتوبر عندما سلمنا بأن مصائرنا في أيدي غيرنا.. فاستسلمنا لغواية الارتخاء والاستسهال والرهان على الغير.. ولم نعول على أنفسنا حتى فقدنا الثقة في قدراتنا، وفرطنا في مقومات نجاحنا، ولم نعد أمة واحدة لها عدو لا يتوانى عن امتلاك أسباب القوة والتفوق عليها ولم ييأس في الإضرار بها جهارًا أو من وراء ستار !!

لم نعد أمة واحدة تتكامل دولها سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا وعلميًا، فتفوق عليها أعداؤها وهزموها بالعلم تارة وبالتآمر مرات عديدة.. لم تنجح المخاطر على شدتها في أن تجمعنا على كلمة سواء، قفز الصغير على أكتاف الكبير وسولت له نفسه أن يقفز فوق دوره ومكانته، وتغافل الكبير عن امتلاك مقومات ريادته التاريخية، فصارت الأمة في مهب الريح تغزوها الأزمات تلو الأزمات، والانكسارات والتراجعات والتنازلات حتى صارت مطمعًا لكل من هب ودب... أفيقوا..
الجريدة الرسمية