أحمد عز يدعو المصريين للتفاؤل.. رجل أعمال مبارك: الاقتصاد المصري يتحمل 30 مليار دولار قروضا خارجية.. ووضعنا أفضل من أمريكا.. 8% نمو قادرة على تخفيض العجز.. وتصحيح سعر الصرف يحل أزمة الفجوة الدولارية
تحت عنوان «دعوة للتفاؤل» نشرت الزميلة المصري اليوم مقالا لأحمد عز رئيس عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني، وأبرز رجال أعمال نظام مبارك، يحلل فيه الوضع الاقتصادي الحالي وبعض الملاحظات التي لا يجب إغفالها.
وفي بداية المقال يقول أحمد عز «ليس هدفى السعى وراء الظهور في الساحة العامة. لكننى رأيت، بدافع وطنى، أن أشارك في دعوة الجميع إلى التفاؤل، تفاؤل مدعوم بحقائق اقتصادية من أرض الواقع، أستند إلى خبرة سابقة اكتسبتها كرئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس الشعب لمدة 10 سنوات متتاليات، بالإضافة إلى عملى الطويل في الصناعة، ظنى وثقتى أن مشكلات اقتصادية كثيرة في طريقها إلى الحل»
وفي مستهل حديثه يقول رجل أعمال مبارك «حديث أغلب المصريين مؤخرًا بات عن الوضع الاقتصادى، الجميع يساهم بتحليله، يتحدث بدافع وطنى. معظم الآراء يغلب عليها التشاؤم، تشاؤم انعكس على التقارير الدولية، هي في جوهرها ترديد لما يبادر به المصريون. في المقابل تحليل الاقتصاد يحتاج قدرة على قراءة الأرقام، مع تجربة حية في الاقتصاد الحقيقى لتفهم ما تعنيه الأرقام (وأيضًا ما لا تعنيه)، تحليل مؤشرات الاقتصاد المصرى يشير إلى ست ملاحظات رئيسية. مضمونها أنه لا مبرر للتشاؤم أو الانزعاج المبالغ فيه»
ويضيف تحت عنوان الملاحظة الأولى «ليست أول أزمة، ليست أكبر أزمة، تجاوزها يكون باستعادة النمو، صحيح أن عجز الموازنة تجاوز 12% من الناتج المحلى، ولكنه سبق أن تجاوز هذه القيمة ثلاث مرات في الثلاثة عقود الأخيرة»
ويتابع «في النصف الأول من الثمانينيات (بلغ 18%- مرة ونصف النسبة الحالية).. في النصف الثانى من الثمانينيات (بلغ 23%- تقريبًا ضِعف النسبة الحالية).. في 2003 (بلغ 13%- نفس النسبة الحالية). نفس الأمر بالنسبة للدين العام. ليست أول مرة يتجاوز حاجز الـ100% من الناتج. عام 1988 كان قد تجاوز الـ212% (أكثر من ضِعف النسبة الحالية). مع أزمة 2003 كانت نسبته 103%. السبب أن أكثر من 80% من الإنفاق الحكومى بنود حتمية (أجور- دعم- فوائد دين)»
ويوضح أحمد عز أن الوضع المصرى ليس استثنائيًا فيقول «دول مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان تُوَجِّه في المتوسط أكثر من 60% من إنفاقها أيضًا على برامج الدعم والتأمينات والحماية الاجتماعية، لا تستطيع ألمانيا أو فرنسا خفض العجز 20% مهما تَقَشَّفَتا، علاج عجز الموازنة والدين يكون باستعادة النمو. في مصر في 2004، كان النمو الاقتصادى بمتوسط من 5% إلى 7% سنويًا لخمس سنوات لاحقة كفيلًا بحل الأزمة»
ويكمل «خفِّضَ الدين العام من 103% إلى 67% عام 2010. في 2016، الوصول بمعدل نمو 8% كفيل بخفض العجز بمقدار الربع في عامين. النمو بنفس المعدل لأربع سنوات متتالية سيزيد حجم الاقتصاد المصرى بما يقرب من الثُلث. النمو بنفس المعدل لعشر سنوات سيضاعف حجم الاقتصاد المصرى، تلقائيًا ستتضاءل نسبة العجز إلى الناتج. هذا يحدث في ميزانيات الشركات، كما يحدث في موازنات الدول. مفتاح الحل هو النمو»
أما الملاحظة الثانية فيتابع «عز» قائلًا «المُقرِض الرئيسى للحكومة المصرية لا يزال هو المصريين. صحيح أن الدين العام تجاوز الـ100% من الناتج المحلى. ولكن ما يقرب من 80% منه دين محلى، مدخرات المصريين (وهى حقيقية) يستخدمها وسطاء ماليون (بنوك مصرية) للاستثمار في سندات وأذون خزانة (تصدرها الحكومة المصرية). باختصار، مصر دائنة لنفسها. ليست دعوة لمزيد من الاقتراض، ولكن حقيقة رقمية. لا منطق لمقولة أن «مصر على وشك الإفلاس دوليًا». كيف ذلك و4 من كل 5 جنيهات مدينة بها الحكومة المصرية، الدائن فيها مصرى الجنسية أيضًا؟ مقارنة مصر باليونان في غير محلها»
ويستطرد «ما يزيد على 90% من ديون الحكومة اليونانية ديون خارجية. ليست دعوة لطبع نقود، ولكن تفنيدًا لمقولة إن الحكومة المصرية ستستيقظ يومًا بلا نقود لدفع الأجور»
أما الملاحظة الثالثة لإمبراطور الحديد قبل ثورة يناير فيقول «الاقتصادات البازغة الأخرى بتقترض خارجيًا ثلاثة أضعاف ما تقترضه مصر.. نستطيع تحمل 30 مليار دولار ديونًا خارجية إضافية. حتى بالمقارنة بالاقتصادات البازغة، درجة المخاطر الخارجية للدين المصرى منخفضة. نسبة الدين الخارجى للناتج القومى في المكسيك وتايلاند وماليزيا ورومانيا وتركيا (دول يتخذها كثيرون كنماذج نجاح) ما بين 45% و55%. في مصر هذه النسبة 15% (بالمناسبة، هذه النسبة عام 1988 كانت 132%، لم تهبط دون الـ30% إلا في عام 2006).
ويكمل «إذا أضفنا طول آجال سداد الدين الخارجى المصرى الحالى، فنحن أمام دين خارجى قليل المخاطر. أي تحليل منطقى يشير إلى قدرة الاقتصاد المصرى على تحمل 30 مليار دولار إضافية ديونًا خارجية. إذا بلغ معدل النمو 8% سنويًا. اقتصادنا تَحَمَّل أكثر من هذا الرقم في السابق، ونجح في سداد كل التزاماته، وتحقيق نمو»
وعن الملاحظة الرابعة يقول «عز» «مقارنة نسبة الدين للناتج في مصر مع دول أخرى تكون أحيانًا في غير محلها. السبب هو أن الحكومة المصرية تمتلك حجما ضخما من الأصول. بناه المصريون على مدى عقود، لنقارن مصر مثلًا بالولايات المتحدة (أكبر اقتصاد في العالم). المقارنة هنا نسبية، الأصول العامة المملوكة للدولة المصرية نسبة إلى الدين أكبر بكثير من الأصول العامة المملوكة للحكومة الأمريكية نسبة إلى دينها»
ويوضح «محطات الكهرباء، محطات المياه، محطات القطارات والقطارات، المطارات، شبكات الاتصالات، وكل قطاع البترول. في الولايات المتحدة كل هذا أصول غير مملوكة للحكومة، في مصر كلها مملوكة للحكومة، أي تحليل اقتصادى للمركز المالى للدولة يأخذ ذلك في الاعتبار، ليستدعوه للخصخصة ولكنه تحليل يجعلنا أقل حدة في تقييمنا للدين العام.
ويتابع «في مصر مقابل الدين، هناك حجم أصول ضخم. ليست أيضًا دعوة للتهوين بحجم الدين العام، ولكن دعوة لتحديد أثره بعقلانية. أثره الحقيقى (ليس إطلاقًا مؤشرًا على أي احتمال لإفلاس حكومى)، وإنما مزاحمة 90 مليون مصرى في الاقتراض. إما اقتراض للاستهلاك (بدءًا من تقسيط ثمن ثلاجة أو سيارة، حتى الحصول على قرض تمويل عقارى)، أو اقتراض للاستثمار (بدءًا من الاقتراض لتمويل «توك توك» أو سيارة نقل، حتى تمويل مصنع بتروكيماويات)، تزايد الدين الحكومى يعنى أن الأموال الحقيقية المتاحة لإقراض جميع المصريين (بعد استبعاد التضخم) تَقِل، بينما تلك المتاحة للقطاع الحكومى تزيد. هذا لا يؤثر على درجة المخاطر الخارجية، ولكن على معدل النمو»
أما الملاحظة الخامسة فيشرح أن الاقتراض بمعايير مالية سليمة أفضل من المساعدات، قائلًا «الاقتراض المحسوب بأجل وسعر فائدة مُعلنين وسيناريو للسداد هو سبيل التمويل الكفء سواء لشركة، أو مصنع، أو اقتصاد، مصر حجم اقتصادها يؤهلها لاقتراض مؤسسى، دولى، شفاف»
ويتابع «كل دولة من الدول الصناعية السبع تقترض من الأسواق الدولية أسبوعيًا، بريطانيا اقترضت من صندوق النقد في السبعينيات، كان حينها أكبر قرض للصندوق في تاريخه، على النقيض، المساعدات اقتراض بتكلفة غير معلنة (قد تكون في الواقع أعلى من سعر الفائدة)، فاتورته تُسَدَّد دون جدول سداد (وبالتالى قد تُسَدَّد فورًا)، النتيجة ضبابية. الغموض لا يبنى استثمارًا. التمويل الذي يبنى اقتصادًا حديثًا هو ذلك الذي يعرف الجميع فاتورته.. الدائن، المدين، المستثمر، المواطن. الاقتراض يبنى بناءً معلوم الأساس والارتفاع. المساعدات تبنى هيكلًا غير مُخطط. كل مصرى يعرف الفرق بين البناء العشوائى والمخطط»
وفي ختام مقاله يعلن رجل أعمال مبارك الملاحظة السادسة فيقول «تصحيح سعر الصرف يغطى نصف الفجوة الدولارية. خفض قيمة الجنيه له تكلفة فورية على المصريين. زيادات مباشرة في الأسعار. ستشعر بها بصورة قوية الطبقة المتوسطة، الأكثر استهلاكًا للسلع المستوردة، للخدمة الصحية الخاصة، للتعليم الخاص، كل هذا مع درجة حماية اجتماعية أقل. لكن هذا الأثر لن يستمر طويلًا. الاقتصادات تُصَحِّح نفسها سريعًا»
ويكمل«تصحيح سعر الصرف إجراء يؤدى مباشرةً إلى تقليل الواردات (بما يوفر دولارات)، وزيادة في الصادرات (بما يوفر مزيدًا من الدولارات). يحدث ذلك دون الحاجة لأى قرارات إدارية مُصاحبة (بحظر استيراد سلعة أو تحديد واردات أخرى). الصادرات المصرية تصبح أرخص، فيزداد الطلب عليها. وارداتنا تصبح أغلى، فيلجأ المستهلك أحيانًا للمنتج المصرى. بناءً على تجارب مصرية سابقة، تصحيح سعر الصرف يُزيد الصادرات بنسبة 10% على أقل تقدير (2 مليار دولار). يُخَفِّض الواردات بنفس النسبة (6 مليارات دولار). الأثر المُجَمَّع 8 مليارات دولار. نصف الفجوة الدولارية القائمة»
ويواصل «أهمية تصحيح سعر الصرف (وهو ما بدأ بالفعل) تنبع من محوريته في أي اقتصاد حديث. الاقتصاد المصرى يُصَدِّر سنويًا سلعًا بـ22 مليار دولار. يستورد سلعًا بـ60 مليار دولار. سعر الصرف هو الباب المؤدى لتعاملات تفوق الـ80 مليار دولار سنويًا. باب يجب أن يسمح بالمرور السلس الآمن. الكثيرون يرون تصحيح سعر الصرف خَصمًا من قوتنا الاقتصادية. تاريخنا الحديث يثبت العكس. بدأْت نشاطى الاقتصادى في السبعينيات باستيراد حديد التسليح وقت كان سعر الدولار 75 قرشًا»
أما الخلاصة كما يقول «عز» «الأزمة التي نمر بها لا تتطلب انزعاجًا، عجز الموازنة.. الدين العام.. الديون الخارجية، تقييم آثارها ليس بقيمها وأرقامها المجردة، وإنما من خلال تنسيبها لحجم الاقتصاد، النمو كفيل بتجاوز هذه المشكلات، النمو هو مفتاح الحل»