رئيس التحرير
عصام كامل

العقل الحكومي ما زال يتعامل بمنطق الوصايا.. إلى متى؟!


العقل الحكومي لا يزال يتعامل مع المواطنين بمنطق الأبوية أو الوصاية.. ودلوني على مسئول واحد في الحكومة استطلع رأي المواطنين قبل اتخاذ قرار جماهيري يخصهم، ويقع في نطاق تخصصه فإن صادف رضاهم فبها ونعمت، وإلا انصرف عنه وعدل إلى غيرة.. هناك منطق منزوع الشعور بالمسئولية السياسية لا يأبه بالرقابة الشعبية، ولا يقيم لها وزنًا بل ربما تجاوزت بعض الأجهزة الحكومية إلى ما هو أسوأ حين تتعامل مع المواطنين بصورة غير آدمية عند تقديم خدماتها لهم، الأمر الذي يزيد الفجوة بين الطرفين، ويبغض الحكومة إلى قلوب الناس.. فمتى يتنبه المسئولون لخطورة تجاهل مثل هذه السلوكيات ؟!


هذه إشكالية موروثة تجعل المواطن يرتاب دائمًا في أي قرار تتخذه الحكومة، ولا يرى فيها خيرًا بل يتوقع دائمًا منها الأسوأ.. فمتى نعالج هذه الإشكالية الخاطئة الموروثة، وتلك المفاهيم الجامدة التي تجاوزتها أساليب الإدارة العلمية الحديثة التي تهدف إلى تحقيق تواصل حقيقي فعال وقادر على حل المشكلات وتقريب الصلة وتذويب الفجوة بين المسئول والمواطن بجعل الأخير شريكًا في القرار والإدارة.. متى تجد الشفافية والمحاسبة الشعبية طريقهما إلى تعامل الحكومة مع المواطن.. متى نرى المواطن راضيًا ومقتنعًا بما تفعله الحكومة لأجله فيعترف بفضلها ويتجاوب مع إجراءاتها وقراراتها؟!

أتصور أن شيئًا من ذلك لن يتحقق إلا إذا نزلت الحكومة من برجها العاجي إلى المواطن، فتعامله كما تعامل كبار المسئولين.. تحترمه، وتهتم به، وتسارع إلى تخفيف متاعبة، فإذا شكا مثلًا من انقطاع المياه أو الكهرباء سارعت بتوصيلها إليه.. وإذا شكا من ارتفاع الأسعار بادرت بخفضها أو شرحت له دواعي ذلك بصدر رحب.. وإذا تكاثرت القمامة أمام منزله أو في شارعه سارعت إلى جمعها ومعالجتها بطرق مبتكرة.. وقس على ذلك مئات الشكاوى التي يئن منها ملايين البسطاء يوميًا.
الجريدة الرسمية