رئيس التحرير
عصام كامل

هذه هي الديمقراطية الحقيقية!


الديمقراطية الحقيقية رداؤها واسع، ولا تقف عن حدود اختيار الشعب لحكامه فقط بل تمتد لتشمل شعور هذا الشعب بالرضا عن حكومته، وأنها تحترمه وترعاه وتخدمه بآدمية حتى توفر له سبل الحياة الكريمة.


الديمقراطية تعني أن تصغي الحكومة إلى صوت الفقراء الواقفين على أقدامهم في طابور الخدمات وليس صوت المسئولين القابعين فوق الكراسي الوثيرة.. ورغم أن الحكومات الحالية ورثت تقاليد غير ديمقراطية وأخطاء لا تزال تمارسها بعض أجهزتها ذات الصلة بخدمة المواطنين؛ فمثلًا هناك موظفون يصرون على استغلال الجمهور نظير حصوله على خدماتهم، أو تركه يقف في طوابير على قدميه بالساعات فمتى ينتهي الاستغلال والاستهتار بالناس وإهمال شكواهم.. متى نعيد النظر في طريقة معاملة المواطنين في الأجهزة الحكومية ذات الصلة بالخدمات الجماهيرية، وأن يشعر كل موظف فيها أنه جاء لخدمة الناس مقابل ما يتقاضاه من أجر، وأن واجبه أن يحسن معاملتهم ولا يضيق بهم ذرعًا ؟!

هل يتصور أن تبقى القمامة مثلًا آفة وأزمة لا تجد حلًا حتى اليوم.. وهل تراكمها في الشوارع والتراخي في جمعها راجع إلى تقصير شركات النظافة إياها.. أم إلى تقصير الحكومة في محاسبتها.. ولماذا الإبقاء عليها ما دامت لا تفي بالتزاماتها.. وأين تذهب حصيلة رسوم النظافة التي يجري تحصيلها مع فواتير الكهرباء والمياه والصرف الصحي.. وأين ذهبت الصناديق الضخمة المخصصة لجمع القمامة في الشوارع.. وأين متابعة الأحياء ورقابتها.. وإذا لم تنجح الحكومة في حل مشكلة القمامة فكيف نثق أنها ستنجح في حل معضلات الاقتصاد.. أو حوادث الطرق التي تكبد مصر آلاف الضحايا ومليارات الجنيهات سنويًا..

وكيف تتكرر حوادث القطار في العياط بنفس السيناريو دون حلول ناجعة.. متى نتعلم من أخطائنا.. ومتى نجعل القانون فوق الجميع.. متى يبادر إلى احترامه وتطبيقه على أنفسهم رجال القانون المنوط بهم إعماله ورجال الأمن المنوط بهم تنفيذه.. كيف يتصور أن تتحقق دولة العدالة والقانون وثمة من يرى نفسه فوق هذا القانون..

يا سادة لن تعود لدولة القانون هيبتها إلا إذا صار القانون سيفًا فوق رقاب الجميع، وأن تلغي جميع الامتيازات والحصانات التي تجعل البعض فوق الدولة وفوق الجميع.. علينا تغيير الطريقة التي يعمل بها القانون حتى لا نرى مستقبلًا وقائع فساد صارخة مثل فساد توريد القمح أو المطاحن والمخابز وغيرها.. ويوم أن تخضع رقاب الجميع للقانون فسوف نتغلب على مشاكلنا، ونخطو إلى الديمقراطية الحقيقية ودولة القانون والمواطنة والرخاء والتقدم، وأن يحصل كل ذي حق على حقه في سهولة ويسر.. وتختفي البلطجة والعشوائية والفوضى.
الجريدة الرسمية