عجائب الفساد المصري!
الفساد ظاهرة عالمية لها أسبابها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، غير أنه في المجتمعات المتقدمة هناك سياسات قانونية وعقوبات رادعة توقع على الفاسدين في ضوء مبدأ أساسى هو أنه لا يجوز التمييز في تطبيق القانون وفقًا للوضع الاقتصادى والمالى للفاسدين.
بعبارة أخرى يطبق القانون على الغنى والفقير إذا ما ثبتت جرائم الفساد في حقه.
غير أنه لابد أن نعترف أن الفساد المصرى-على وجه الخصوص- له سمات فارقة تميزه عن أي فساد آخر في العالم! خذ –على سبيل المثال– الفساد الذي تم في طريق "القاهرة – الإسكندرية" الصحراوى، فقد بيع الفدان من قبل الحكومة المتواطئة للاستزراع مقابل خمسمائة جنيه، ولكن رجال الأعمال الذين حصلوا على آلاف الفدادين للاستزراع خالفوا الشروط الموضوعة وأقاموا عليها منتجعات وقصور وفيلات وباعوا الفدان–منذ نحو أربعين عامًا- مقابل أربعة ملايين جنيه، وبالطبع يمكن القول إن الفدان يصل ثمنه الآن إلى أربعين مليون جنيه على الأقل!
وقد تشكلت لجنة عليا برئاسة المهندس محلب، مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية، للتعامل مع من نهبوا أراضى الدولة سعيًا وراء تصحيح الأوضاع، غير أن الفاسدين من رجال الأعمال مازالوا يقاومون حتى الآن ولا يريدون أن يدفعوا مقابل ما نهبوه! غير أنه يمكن القول إن الفساد الذي نشر عنه في صوامع القمح يتجاوز الخيال!
نشرت النيابة العامة أن الحجم الإجمالى للفساد وصل في هذا القطاع إلى ما يتجاوز مبلغ 600 مليار جنيه! وهذه المليارات دفعتها الحكومة طائعة مختارة لعصابات الفاسدين في الوقت الذي تعانى فيه الميزانية عجزًا حادًا، وذلك بالإضافة إلى الدين الخارجي الذي وصل إلى حدود بالغة الخطورة !
ويكفى أن نقرأ أن أحد أصحاب الصوامع دافع عن فساده، قائلًا: إنه أخذ دون وجه حق 56 مليون جنيه نتيجة خطأ حسابى!
نحتاج إلى تشريع جنائى جديد لمواجهة الفساد يتضمن تغليظًا للعقوبات، بحيث نصل للإعدام لهؤلاء الذين نهبوا أراضى الدولة وأفقروا ملايين الناس!