رئيس التحرير
عصام كامل

المصريون.. وإهدار المليارات.. خلل ما بعده خلل!


إنفاق المصريين لأموالهم ينطوي على خلل واضح في الفهم والسلوك، فإذا عرفنا مثلًا أنهم ينفقون نحو10 مليارات على الدجل والشعوذة والخرافة، وأضعافها على التدخين والمخدرات، ومثلها على أجهزة المحمول والرغي في وسائل الاتصالات، ومليارات أخرى على تكرار مدهش وغير مفهوم للحج والعمرة.. ندرك أننا أمام سلوكيات ومفاهيم تحتاج لدراسة علمية تجيب عن أسئلة غاية في الأهمية:


لماذا يصر المصريون بعضهم أو أكثرهم على تدين شكلي يحرص على تكرار الحج والعمرة، ولا يرى في قلة الإنتاج أو الكسل والتواكل والإغراق في الخرافة نقيصة تتصادم وصحيح الدين والعقل والفطرة؟..لماذا يصر المصريون أغلبهم أو أكثرهم على إهدار أموالهم فيما لا طائل منه رغم ما تمر به بلدنا من ظروف اقتصادية قاسية، وتراجع في موارد النقد الأجنبي جراء انحسار حركة السياحة والاستثمارات، وارتفاع فاتورة الديون المحلية والخارجية بصورة خطيرة؟..

ولو أننا راجعنا سلوك شعب آخر مثل شعب كوريا الجنوبية في أزمة اقتصادية مماثلة وربما أكثر شدة وقسوة لعرفنا كيف بادر بالتبرع بما يملكه من ذهب ومصوغات لإنقاذ بلده ودعم الاحتياطي الأجنبي لدولته وكيف امتلكوا رؤية نافذة للخروج من النفق المظلم بعد سنوات قليلة.. ولأدركنا كم نحن مقصرون-حكومة وشعبًا- في حق أنفسنا وبلادنا.. فمصر قطعًا تستحق منا ما هو أفضل عملًا وسلوكًا وانتماءً وتضحيةً.

ألم يكن أولى بالمصريين أن يوجهوا فائض أموالهم لمشروعات تنفع الاقتصاد، وتوفر فرص العمل، وتزيد الإنتاج، وتجلب العملة الصعبة، وتستوعب الطاقات المعطلة.. وهل فعلت الحكومة والبرلمان شيئًا لتحريك قانون الاستثمار، وتوفير حوافز جاذبة لرأس المال، واستنهاض همة المصريين لإخراج أفضل ما عندهم من دعم ومن طاقات ومن دولة يمكنها وضع مصر في مكانها اللائق المستحق..

أليس خلق فرص العمل المنتج الذي يغني الفقراء، ويخفف الأعباء عن الدولة المثقلة بالمتاعب، ويخلق حركة عمرانية واقتصادية ناهضة أكثر نفعًا للناس ومثوبة عند الله من تكرار الحج والعمرة.. أليس التبرع لبناء مستشفى يعالج الفقراء أو مدرسة تعلم الناس وتوقظ وعيهم وهمتهم وتفتح آفاق المستقبل أو حتى التبرع لصندوق تحيا مصر الذي يسهم في تطوير العشوائيات وتقديم الخدمات للقرى أو المناطق الأكثر احتياجًا..أليس ذلك أهم الأولويات الواجبة التي لا يقل ثوابها عن تكرار الحج والعمرة.. وربما كانت أكثر نفعًا للمجتمع الذي يعاني متاعب اقتصادية تنذر بما هو أكثر صعوبة وألمًا!.
الجريدة الرسمية