«عرفة» خيرُ يوم طلعت فيه الشمس.. «جبل عرفات» مشعر الحج الوحيد خارج الحرم المكي.. «نمرة» مسجد بناه العباسيون في موضع نزول النبي.. «وادي عرنة» شهد خطبة الرسول في
الزمان يوم التاسع من شهر ذي الحجة، خيُر يوم طلعت فيه الشمس، والمكان هو صعيد عرفات، يجتمع الحجاج القادمون من كل حدب وصوب على صعيد واحد في مكان واحد وزمان واحد وبلباس واحد، لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، اشرأبّت أعناقهم، وتوحدت قلوبهم في مشهد عظيم ملبين لله تعالى، وارتفعت أياديهم بالتضرع إلى الله طلبا للمغفرة والرحمة، فيصلون الظهر والعصر قصرا وجمعا بأذان وإقامتين، ويدعون بما تيسر لهم تأسيا بسنة خير البشر محمد عليه الصلاة والسلام.
عرفة أو عرفات مسمى واحد عند أكثر أهل العلم لمشعر يعد الوحيد من مشاعر الحج الذي يقع خارج الحرم، وهو عبارة عن سهل منبسط، به جبل عرفات المسمى بجبل الرحمة الذي يصل طوله إلى 300 متر، وبوسطه شاخص طوله ( 7 ) أمتار، فيما يحيط بعرفات قوس من الجبال ووتره وادي عرنة، ويقع على الطريق بين مكة والطائف شرقي مكة المكرمة بنحو ( 22 ) كيلو مترًا، وعلى بعد ( 10 ) كيلومترات من مشعر منى و( 6 ) كيلو مترات من المزدلفة بمساحة تقدر ب ( 4 ر 10 ) كيلومترات مربعة، وليس بعرفة سكان أو عمران إلا أيام الحج غير بعض المنشآت الحكومية.
وبعرفة جبلها المشهور، وهو أكمة صغيرة شبيهة بالبرث، يصعد عليها بعض الحجاج يوم الوقوف، وليس الوقوف على الجبل خاصة من واجبات الحج لقوله صلى الله عليه وسلم ( وقفت هاهنا بعرفة وعرفة كلها موقف ).
وليوم عرفة فضل عظيم، إذ ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يوم عرفة هو أفضل يوم عند الله، وذلك في الحديث الذي رواه جابر رضي الله عنه عن حبيب الله محمد صلى الله عليه وسلم ( ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة، ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا، فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثا غبرا ضاحين، جاؤوا من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ولم يروا عذابي، فلم ير يوما أكثر عتقا من النار من يوم عرفة )، وبعرفة نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم قوله تعالى (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )).
وعندما يقف الحجيج في عرفات ينتصب أمامهم مسجد " نمرة " بفتح النون وكسر الميم وسكونها.. فنمرة هو جبل نزل به النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في خيمة ثم خطب في وادي عرنة بعد زوال الشمس، وصلى الظهر والعصر قصرا وجمعا " جمع تقديم "، وبعد غروب الشمس تحرك منها إلى مزدلفة.. ثم في أول عهد الخلافة العباسية في منتصف القرن الثاني الهجري بنى مسجدا في موضع خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يعرف الآن بمسجد نمرة.. توالت بعدها توسعاته على مر التاريخ وصولًا للوقت الحالي، فأصبحت مساحته ( 124 ) ألف متر مربع. مؤلف من طابقين مجهزين بنظام للتبريد والمرافق الصحية، حيث يتسع لأكثر من ( 300 ) ألف من المصلين.
ويأتي جمعٌ من الحجاج يوم عرفة إلى مسجد نمرة ليستمعوا إلى خطبة خطيب المسجد، ثم يصلون الظهر والعصر بأذان وإقامتين، ثم يشرعوا بالدعاء والتضرع ومسألة الله تعالى حتى غروب الشمس.
ووادي عرنة.. من أودية مكة المكرمة، والجزء المقدم من مسجد نمرة يقع في هذا الوادي، وهو خارج عن عرفات وداخل في الحل وليس بمشعر، وهو حد فاصل بين الحل والحرم.
كما أن في عرفات مسجد الصخرات، وهو أسفل جبل الرحمة عـلى يمين الصاعد إليه، وهو مرتفع قليلا عن الأرض، يحيط به جدار قصير، وفيه صخرات كبار، وقف عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة، وهو على ناقته القصواء.
وأحيط هذا الموقف بجدار طوله من جهة القبلة 13.3 مترا، والجدار الذي على يمينه ويساره 8 أمتار، أما الجدار المقابل للقبلة فدائري غير مستقيم.