رئيس التحرير
عصام كامل

مجزر الوراق.. يا أهلًا بالعيد «قصة مصورة»

فيتو

مهنة شاقة يتطلب من العاملين فيها الثقة بأنفسهم للدرجة القصوى، والدراية بكل تفاصيل ما يفعلونه فالخطأ في عملهم عواقبه وخيمة؛ كما يشترط عليهم التسلح بـ «عدة حادة» تتكون من سكين كبير يعرف بـ«الكزلك»، وسكين صغير يطلق عليه الـ «بنصر»، وآلة سلخ تسمى بـ «الخنصر»، و«ساطور» للتشفية وتكسير وفصل العظام، و«خطاف» و«بلانك» لتعليق الذبيحة التي وقع عليها الاختيار للذبح في مجزر الوراق.




ينشط العمل بالمجازر في مثل هذه الأيام من كل عام تزامنًا مع حلول عيد الأضحى المبارك، وللعمل في هذه الأماكن قوانين واشتراطات وكذلك مراحل تبدأ بجلب الماشية من المزارع أو الأسواق.

طفولة بريئة وفتوة شباب وكهولة شيخوخة؛ تلك مراحل العمر التي يمر بها الإنسان وهى تشبه في ثبوتها مراحل العمل بالمجزر؛ هنا ستجد ماشية تنتظر لحظة الذبح ويحرص العاملون هناك أن تظل بالخارج كي لا تتأذى من رؤية أقرانها المقطعة أوداجهم.

حتى إذا جاء الموعد المعلوم «جُرت» من قيدها لتواجه سكينًا تعرف اليد الممسكة بها كيف تريق دمًا أحله الله.

وأخرى يبدو أنها رأت خلسة أنامل الجزارين تلهو فوق رقبة سابقيها فألقت بجسدها على الأرض مدعية المرض، ولكن هذا الطفل الذي أُوكل إليه مهمة رعايتها يعرف كيف يمسكها من مكان يجعلها تنفض إدعاءات المرض وتنهض لتلقى ما ينتظرها.

ارتداء هذا النوعية من الأحذية داخل المجزر له عدة فوائد من أهمها استخدامه كجراب يحفظ الجزار أدواته - "كزلك" و"خنصر" و"بنصر" وساطور صغير" - داخله، والتسلح بهذه الأشياء مؤشر على اقتراب لحظة الذبح.

من اختار العمل في المجزر فقد وافق قبل أن يمارس مهام عمله على ذلك القانون الذي يحكم هذا العالم: «اذبح كي تعيش».

أما أصحاب المشاعر المرهفة والقلوب الرقيقة، ومن لا يطيقون رؤية لون الدم ويتأففون من رائحته فلا مكان لهم في مجزر الوراق.

بجانب ضرورة توافر مهارات الإتقان والسرعة في الذبح يشترط على الجزار أن يجيد "السلخ" لأن الحفاظ على الجلد دون أي "خدش" يعني مكسبا إضافيا لكل العاملين بالمجزر.

تزامنًا مع مرحلة السلخ يفصل الصبية المساعدون للجزار، أرجل الذبيحة «الكوارع»؛ ويخرجون ما تحويه بطنها «الحلويات»، ويعتنون بنظافتها جيدًا ثم يذهبون بها إلى السيدات اللاتي يعملن في المجزر ليقمن ببيعها.

بعد انتهاء «السلخ» تعلق الذبيحة لتبدأ مرحلة «التقطيع» إما إلى نصفين أو أقل حسب طلب محل الجزارة الذي يتعامل مع المجزر؛ وتختلف الأدوات المستخدمة في مرحلة «التقطيع» ما بين ساطور بلدي قديم، أو الاعتماد على المعدات الحديثة ذات القدرة الفائقة على «التقطيع» في وقت قياسي. 

وتحديد الأدوات المستخدمة في مرحلة التقطيع يرجع إلى ما يفضل استخدامه القائم بهذه العملية من أدوات حديثة أو قديمة كما أن كثرة الذبائح تعد سببًا رئيسيًا للاعتماد على الوسائل الحديثة.

المرحلة التالية لعملية «التقطيع»، هي حمل أنصاف الذبائح ووضعها في سيارة مهمتها إمداد تجار التجزئة بما يحتاجونه من لحوم.

نحر الإبل أشد صعوبة من ذبح الماشية، والجزار يقوم بعدة مناورات لإضعاف قوة الجمل قبل ذبحه مثل ربط إحدى قدميه الأماميتين تاركًا إياه يقف على ثلاثة أقدام لتخور قواه شيئًا فشيئًا، وهى اللحظة التي يطعنه فيها بخنجر في رقبته ليسقط ثم يبدأ بعدها عملية نحره.

يربط العاملون بالمجزر أرجل الجمل جيدًا ثم يرفعونه عن الأرض قليلًا لتبدأ عملية «سلخه» والتي يجب أن تتم بحذر وحرص شديد لارتفاع ثمن جلده.

هذا ما تبقى من «سفينة الصحراء»، فبعد انتهاء عملية «السلخ» يفضل العاملون بالمجزر عدم قطع رأس الجمل وإبقائها قليلًا معلقة في الجلد، وكأنهم يستعرضون قوتهم في الإجهاز على صاحب القوة الخارقة.

تكاتف الجهود هو السبيل للتغلب على ثقل الجمل "المسلوخ" في محاولات مضنية لتعليقه في "البلانك" للبدء في عملية تقطيع لحمه.

تستطيع أن تشبه العمل في المجزر بـ «خلية النحل»، فكل فرد هنا أُوكلت إليه مهام معينة يتم تحديدها حسب الفئة العمرية والقوة الجسدية والمهارات التي يتمتع بها.

في محال التجزئة يكون للجزارين مهمة أخرى وهى تقطيع اللحوم وتشفيتها لبيعها حسب الوزن الذي يرغب المستهلك في شرائه.
الجريدة الرسمية