رئيس التحرير
عصام كامل

قوة المعارضة


طبعًا مشوار مقاومة الإسلاميين طويل، سيكون أصعب كثيرًا من مقاومة مبارك ونظامه. والسبب ليس فقط أنهم سيكونون أكثر استبدادًا، ولكن لأنهم أيضًا يستندون فى خطابهم وآدائهم لخلفية دينية لا تقبل أى نقاش وأى تحاور. فالخطير فى الأمر هى أنهم يؤمنون يقينًا كأفراد أن الطريق إلى دخول الجنة، هى وضع أسس الدولة الدينية الاستبدادية المتخلفة، وتطبيق ذلك على كل شيئ فى مصر، لذلك من الصعب جدًا جدًا أن يتراجعوا عما يفعلونه، لأن الفرد معهم فى هذه الحالة سيجد نفسه مضحيًا بالجنة، فهل يضحى بها بسبب الكفرة؟!!

هذا بالضبط هو السبب فى أنهم سسيدخلون مرحلة العنف المباشر، مستندين إلى دستور ومؤسسات دولة تساعدهم بعد أن استولوا عليها.

هل هذه هى النهاية؟

بالطبع لا، ليس من باب التفاؤل الساذج، ولكن لأن المعارضة تملك أسبابًا حقيقية للقوة. تجسد بعضها فى القدرة على حشد الملايين مؤخرًا فى  كثير من محافظات مصر ولتطوير ذلك، أظن أنه علينا:

1-الإخوان وحلفاؤهم ليس لديهم بترول مثل نظام الملالى فى ايران لتمويل استبدادهم. وليس لديهم المال الكافى لتقديم مكاسب للقفراء، وليس لديهم مشروع اقتصادى حقيقى يمنكهم من ذلك. هذه الفئات التى ستضار لابد أن تلتحم بها القوى المعارضة وتساعدها فى تنظيم نفسها عبر نقابات أو اتحادات وغيرها.

2- لدينا قوة فى صناديق الاستفتاء والانتخابات، أى هؤلاء الذين يصوتون ضد الإخوان والسلفيين، ولا يشاركون بالضرورة فى احتجاجات الميادين. وهذه القوة الكبيرة تحتاج إلى تنظيم كبير، من خلال روابط  أو الانضمام إلى جبهة الإنقاذ أو الى الأحزاب المشاركة فيها.

3- تنظيم الاستفادة من رجال الدين غير المحسوبين سياسيًا على تيار الإسلام السياسى وهم كثيرون، وبعضهم ينطوى تحت تجمعات مهمة، لابد من تفعيلها ونشر خطابهم فى الأوساط الشعبية.

4-الالتفاف حول خطاب واحد، وهذا فى الحقيقة كان موجودًا فى أعقاب الإعلان الدستورى قبل الأخير والأخير. والاستفتاء، لكنه يحتاج إلى تطوير حتى يكون أكثر شعبية. ويحتاج لقوله فى أماكن وجود الناس. 

كل هذا لن يفلح لو استشرى المرض الدائم فى المعارضة وهو التشتت والشخصنة والأنانية أمام صناديق الانتخاب، بمعنى أن يفرقهم المكاسب الانتخابية مثلما حدث فى انتخابات الرئاسة، ومن قبلها الانتخابات البرلمانية. فلا بد من التضحية قليلًا والتنازل كثيرًا، من أجل التوحد، فالاختيار الآخر هو الموت، وهذا ليس معنى مجازًا ولا مبالغة ولكنه حقيقة.  

فالتيار الدينى يستمد قوته مثل نظام مبارك بالضبط من ضعف خصومه السياسيين.

     


الجريدة الرسمية