رئيس التحرير
عصام كامل

نبيل نعيم الذراع اليمنى للظواهري في الذكرى 15 لهجمات سبتمبر: محمد عطا تلميذي

فيتو

عطا تدرب على الطيران بأمريكا مقابل 30 ألف دولار
ابن لادن كان لا يثق إلا في المقاتلين العرب
أحداث 11 سبتمبر وراء ظهور التنظيمات المتطرفة

تكفير الحكومات والجنود أيدلوجية ثابتة لدى الجماعات المتطرفة

بعد خمسة عشر عامًا على هجمات الحادى عشر من سبتمبر، والتي هزت العالم، وانهيار برجى التجارة العالمية وسقوط آلاف الضحايا على أيدي تنظيم القاعدة الإرهابى، هناك العديد من علامات الاستفهام تفرض نفسها، خاصة أن هذا الحادث يعد التطور الحقيقى لظهور جماعات الإرهاب والعنف بداية من القاعدة ومرورا بأنصار بيت المقدس وأنصار الشريعة وجبهة النصرة وحركة طالبان وصولا إلى تنظيم داعش الإرهابى.
 
"فيتو" حاورت نبيل نعيم مؤسس جماعة الجهاد في مصر والساعد السابق للدكتور أيمن الظواهرى، زعيم تنظيم القاعدة في ذكرى 11 سبتمبر ليكشف أسرارا جديدة عن منفذى العملية، وطريقة اختيار ابن لادن للعناصر التي تنفذ العمليات الانتحارية.

نعيم قضى في صفوف التنظيم 4 سنوات خاض خلالها معارك في مدينة خوست الأفغانية، وكان مسئول المقاتلين المصريين هناك، بعدها رجع إلى القاهرة بجواز سفر مزور وألقى القبض عليه، وقبع خلف جدران المعتقل ثلاثين عاما، وخرج من المعتقل عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير.

وإلى نص الحوار...


*أين وصلت قوة تنظيم القاعدة بعد نحو 15 عامًا من هجمات الحادي عشر من سبتمبر؟
بعد اغتيال أسامة بن لادن، أوشك التنظيم على الانهيار تمامًا، لسببين أساسيين، أحدهما متعلق بغياب القيادة المركزية للتنظيم، فلم تعد المركزية تحكم التنظيم بشكل أساسي، ويرجع السبب في هذا لقدرة ابن لادن على إدارة التنظيم وتأثير المقاتلين به، وهو الأمر الذي يختلف عن الوقت الراهن، فلم تعد الشخصية الكارزمية تؤثر في المقاتلين بقدر تأثير ابن لادن، أما السبب الأخر فهو فرار كثير من المقاتلين لدى تنظيم القاعدة إلى سوريا والعراق للانضمام إلى تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية هناك، وذلك بعد إعلان أبو بكر البغدادى، زعيم التنظيم، إقامة دولة إسلامية، فوجد مقاتلو القاعدة، إن نصرة الدولة خيرًا من نصرة تنظيم القاعدة، بحجة أن الجميع يجب عليه أن يكون تحت لواء مشروع إقامة دولة إسلامية، تتمدد أفقيا لتتوسع في كل الدول.

فضلا عن وصول عدد كبير من مقاتلى القاعدة إلى إعمار متقدمة، فمنهم من تجاوز السبعين والستين عامًا، وصار قعيدًا غير قادر على القتال وحمل السلاح.

*وماذا عن شعبية أيمن الظواهري، في صفوف المقاتلين في تنظيم القاعدة؟
تمتع الظاهرى بشعبية نسبية بين قدامى المقاتلين لقربه من زعيم ومؤسس التنظيم أسامة بن لادن، وثقتهم فيه، حيث إن الثقة نابعة في الأصل من ثقة ابن لادن فيه، لكن هذا لم يكن كافيا لتمدد التنظيم وقدرته على استقطاب عدد أكبر من المقاتلين أو حتى الحفاظ على أعداد المنضمين إلى التنظيم، فانشقت عنه قيادات التنظيم الفرعية، ولم يتبق معه سوى ما يعرف بجيش النصرة الذي ظل تحت إمرة الظواهرى حتى عام 2013، ومع اشتعال المعارك في سوريا، كان حتما على إسرائيل تأمين حدودها وقواتها المتواجدة في هضبة الجولان في دمشق، فعقدت دولة قطر اتفاقا مع جيش النصرة، أن يتخلى عن الظواهرى مقابل منح مالية وعسكرية، على أن يقوم جيش النصرة بتأمين حدود أسرائيل، حتى إن الدوحة طلبت من النصرة تغيير اسمها لتلحق بمحادثات جنيف للسلام.

*لما أخفقت محاولات القوى العظمى في التخلص من بن لادن على نحو سنوات طويلة؟
يرجع الأمر لسببين، أولهما حماية القبائل في باكستان له، فكان ابن لادن يتمتع بحب وإخلاص زعماء القبائل هناك، فضلًا على حرص المخابرات الباكستانية على حياته، نكاية وانتقاما من الولايات المتحدة، التي قتلت عددًا من المقربين من المخابرات الباكستانية مثل الشيخ جاد الحق، بالإضافة إلى الغارات التي تشتها الطائرات الأمريكية على الأراضي الباكستانية دون موافقة الحكومة هناك.

*هل يتدرب أعضاء القاعدة على قيادة الطائرات؟
لا، لم يتدرب مقاتلو القاعدة على قيادة الطائرات بشكل ممنهج، بل ما حدث في أحداث الحادى عشر من سبتمبر هو حالة استثنائية، فقد رتب وخطط ودبر للعملية خالد شيخ محمد، بأوامر من ابن لادن نفسه، ومنحه كل الميزانيات اللازمة لإتمام العملية، وبالفعل تدربوا في شركة لتعلم الطيران في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان معهم المصرى محمد عطا، وتكلفت عملية تعلم الطيران نحو 30 ألف دولار للفرد، بعدها كُلف محمد عطا بمراجعة جداول رحلات الطيران واستقر به الحال على موعد الطائرتين اللاتى ضربا واشنطن.

*يتردد من حين إلى آخر أن الولايات المتحدة هي من صنعت تنظيم القاعدة، ما صحة هذا الادعاء وأنت واحد من المقاتلين السابقين المقربين إلى ابن لادن زعيم تنظيم القاعدة؟
هذا حديث غير دقيق، فالذي صنع التنظيم هو أسامة بن لادن نفسه، واشترك معه ضابط مصرى يدعى سيد موسى، وساهم بشكل كبير في تشييد معسكرات التدريب وكل ما يقال عن دور أمريكي غير دقيق.

*حدثنا عن السمات الشخصية لابن لادن؟
ابن لاذن شخص هادئ جدًا، لديه رصانة في التفكير وعمق القرار، لم يكن منفعلا حتى في اشد المواقف صعوبة، كان لديه القدرة في التأثير فيمن حوله، يدرك جيدا التعامل مع الشخصيات المختلفة، كان رغبته الأولى دفع المقاتلين نحو تنفيذ عمليات قتالية وانتحارية.

*طريقة ابن لادن لاختيار المقاتلين المرشحين للقيام بالعمليات الانتحارية، كانت تتم بناء على أهل الثقة أم ماذا؟
بشكل كبير كان يتم اختيار أهل الثقة، وابن لادن كان لا يثق إلا في العرب وخاصة السعوديين واليمنيين، لأنهم الأكثر إقداما على العمليات الانتحارية.

*ما صحة وجود مؤسسات عربية تغدق الأموال على التنظيم لمواصلة عملياته ونشاطه؟
تعد هيئة الإغاثة الإسلامية، أكبر داعم لتنظيم القاعدة، وكانت تنفق على المقاتلين والعتاد والطعام، فكان يتقاضي المقاتل 200 دولار شهريا، وهذا مبلغ عال في أفعانستان، ويستطيع أن يوفر قدرة شرائية جيدة.

*كيف ترى مستقبل التنظيم وسط تزايد التنظيمات إلى تزعم حملها لواء الإسلام؟
لا مستقبل لتنظيم القاعدة، حيث سيندثر في فترة لا تتجاوز 5 سنوات.

*ما أنواع الفتاوى التي يستند إليها مقاتلو تنظيم القاعدة؟
لا أستطيع أن أفصح عن الفتاوى واسانيدها حتى لا أدفع بشباب صوب تلك الجماعات الإرهابية، ولكن بشكل عام فتاوى سيد إمام هي الأبرز، وكان لها الأثر الأكبر في بقاء التنظيم لفترة طويلة.

* كيف ترى أحداث 11 سبتمبر 2001 بعد هذه السنوات؟
ذكرى الحادى عشر من سبتمبر كانت كالبركان الذي زلزل العالم من خلال ضرب برجى التجارة داخل الولايات المتحدة الأمريكية وبالتالى هي ذكرى أليمة للشعب الأمريكى في نفس الوقت كان انتقاما من جانب تنظيم القاعدة للرد على الموقف الأمريكى الذي تحول للنقيض بعد انتهاء الاحتلال الروسى لأفغانستان واتجاه أمريكا لتحريض بناظير بوتو في باكستان للتخلص من المسلمين الأفغان وترحيلهم لأفغانستان، في نفس الوقت فرضت أمريكا الحصار على الشعب العراقى مما تسبب في مقتل مليون و600 ألف طفل، فضلا عن إقامة قواعد أمريكية في الخليج، وبالتالى 11 سبتمبر كان ردا من القاعدة على كل ذلك.

* وهل تعتقد أن العمليات الإرهابية شهدت تطورًا بعد 11 سبتمبر 2001؟
هذا صحيح فهناك تطور في نوعية المواجهة من الناحية التكتيكية والمقصود به استهداف سقوط أكبر عدد من الضحايا مثلما حدث في الملهى الليلى بفرنسا وغيرها وهذا دليل على أن الإرهاب تطور بشكل كبير نتيجة نجاح هذه التنظيمات الإرهابية في جذب عناصر ذات صفات خاصة مثل نجاحهم في استقطاب أعداد كبيرة من الحرس الجمهورى العراقى الذين انضموا إلى داعش ولعبوا دورا رئيسيا في هزيمة الجيش العراقى والاستيلاء على الموصل وهذا عكس ما كانت عليه هذه التنظيمات في الثمانينات والتسعينسات من أنها حركات محلية لا علاقة لها بالدولة وهدفهم عودة الخلافة.

* وهل ترى ثمة علاقة تربط بين القاعدة وداعش وهل يعد داعش تطورا طبيعيا للقاعدة؟
داعش والقاعدة كلاهما مكمل للآخر والتطور في الفكر والأسلوب، خاصة أن عناصر داعش أعلنت نفسها دولة إسلامية وهذا ما دفع العديد من عناصر القاعدة للانضمام إليهم على أساس أن دعم الدولة أهم من دعم التنظيم بل أن تنظيم داعش الارهابى طور من أسلوبه بالاستيلاء على أراضٍ في سوريا والعراق تساوى ثلاثة أضعاف دولة إسرائيل. 

*هل تعتقد أن 11 سبتمبر وضعت أيديولوجية جديدة لجماعات الإرهاب؟
لا لأن هذه التنظيمات لها أيدلوجية ثابتة وهى تكفير الحكومات ووجوب الخروج عليها وقتالها بل تنظر للجيوش العربية على أنها كافرة ومرتدة وبالتالى أباحوا أرواحهم ودماءهم وهذا الأمر موجود من القاعدة إلى تنظيم داعش مرورا بالنصرة وبيت المقدس وهذه التنظيمات منقسمة طوال عمرها ويعد داعش النموذج المتطور باحتلاله أرض وإدارة موسسة اقتصادية فيما يشبة الدولة وهذا يعنى أن هناك جماعات أشد تطرفا وعنفا وإرهابا ستظهر في المستقبل

*هل تتوقع جيلا جديدا من المتطرفين له شكل ونظام جديد ؟
هذا أمر واضح واكيد لأن الشواهد والمعطيات الحالية تقول أن هناك جيلا جديدا من المتطرفين سيظهر خاصة أن أسباب ظهوره متوفرة من فقر وبطالة وديكتاتورية وبطالة وغلاء أسعار وعدم تطبيق العدالة الاجتماعية كل هذا جرس إنذار لظهور جيل آخر من المتطرفين. 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لــ "فيتو"..
الجريدة الرسمية