رئيس التحرير
عصام كامل

الاستثمار في التعليم مشروع فاشل بـ«التلاتة».. رجال الأعمال غير مقتنعين بطرح الوزارة.. وانعدام الثقة في الحكومة.. مصدر بجمعية أصحاب المدارس الخاصة: الدولة تسعى للحصول على كافة الامتيازات

وزارة التربية والتعليم
وزارة التربية والتعليم

«الاستثمار في التعليم» واحد من المشروعات القليلة التي صحبتها حملة ترويجية ضخمة من قبل وزارة التربية والتعليم، حيث دارت حوله - منذ أن كان فكرة- مئات المناقشات، ولاحقته آلاف الأسئلة، وقالت قيادات الوزارة تصريحات حول المشروع الذي تقف خلفه حكومة المهندس شريف إسماعيل بكل ما تمتلك من قوة من أجل تنفيذ المرحلة الأولى منه، والتي أعلنت عنها الوزارة قبل عدة أيام في مؤتمر صحفي حاشد.


أسباب الفشل
بعد المؤتمر الصحفي أجريت عدة جلسات نقاشية بين المسئولين عن المشروع وعدد من المستثمرين الراغبين في الاستثمار في التعليم، ومع كل هذا فإن هناك عدة أسباب تؤكد أن المشروع الذي يتم التسويق له باعتباره مشروعا قوميا، من الممكن أن يكون مصيره الفشل؛ وذلك لعدم قناعة عدد من كبار المستثمرين في العملية التعليمية، وأصحاب سلاسل مدارس خاصة بجدوى الطرح الذي أعلنت عنه الوزارة كممثل للدولة.

٤ آلاف مدرسة

المشروع المعلن عنه، يهدف إلى إنشاء نحو ٤ آلاف مدرسة بنظام الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص على مدى ثلاث سنوات مقبلة، وبدأت الوزارة أولى خطواتها التنفيذية بعد موافقة مجلس الوزراء على طرح المرحلة الأولى من خلال توفير ٢٠٠ قطعة أرض صالحة لإنشاء مدارس، على أن تكون الشراكة بين الدولة ممثلة في الوزارة والمستثمر ممثل في كيان اعتباري عبارة عن شركة مساهمة تؤسس وفق اشتراطات وزارة الاستثمار لهذا الغرض.

حق الانتفاع

ويستفيد المستثمر من المدرسة بعد إنشائها وتجهيزها بنظام حق الانتفاع، الذي يصل لمدة ٤٠ عامًا، فتكون الوزارة وفرت له قطعة الأرض اللازمة وهو يتولى الإنشاءات والتجهيزات وتعيين المعلمين والعاملين بالمدرسة وفقا لنظام القطاع الخاص، ثم يتم تحديد المصروفات الدراسية بين التربية والتعليم والمستثمر على أن تكون المصروفات تحقق هامش ربح ١٥٪، وفي حالة رغبة المستثمر الاستمرار في المدرسة بعد انتهاء مدة الانتفاع يمكن إجراء تعاقد بينه والوزارة، يمنحه حق الإدارة براتب محدد.
ويشمل التعاقد الذي يتم إعداده حاليا ليكون هو العقد الرسمي للمشروع كافة التفاصيل المتعلقة بالمدرسة بدءا من المناهج التي يتم تدريسها وحتى المعلم والطالب وكافة تفاصيل العملية التعليمية، ومن المتوقع أن يزيد عدد صفحات العقد أكثر من ٣٠٠ صفحة.

مجموعات مدرسية

ولضمان تحقيق نجاح ملموس وإنشاء أكبر عدد من المدارس، قسمت الوزارة قطع الأراضي إلى مجموعات أقلها ثلاث وأكثرها اثنتا عشرة، حيث لا يجوز للمستثمر أن يتعاقد على أقل من ٣ مدارس ولا يمكنه التعاقد على أكثر من ١٢ مدرسة، وفي حالة وجود مستثمر يرغب في العمل في المشروع وليست لديه إمكانية إنشاء ثلاث مدارس يمكنه الدخول في تكتل مع مجموعة من مستثمرين آخرين.

وتذهب وزارة التربية والتعليم في دفاعها عن المشروع إلى أن فوائده بالدرجة الأولى ستعود على المواطن محدود الدخل الذي لا يستطيع الإنفاق على التعليم، باعتبار أن المشروع يوفر تعليما جيدا بمصروفات وهو نفس المستوى المقدم في التجريبيات التي تشهد إقبالا كثيفا من أولياء الأمور، وتوفير هذه النوعية يعني خفض كثافة المدارس الحكومية، وتوجيه الأموال المخصصة لإنشاء مدارس لبناء المزيد من الأبنية الحكومية المجانية.

مخاطر تواجه المشروع

إلى هنا فإن طرح الوزارة جيد جدا على المستوى النظري؛ لكن واقع الحال يؤكد أن هناك عدة مخاطر تواجه هذا المشروع، وربما تكون سببا في إفشاله، فقد أبدى عدد من المستثمرين في التعليم تحفظاتهم حول المشروع، مؤكدين أنه من المستحيل إنشاء ٤ آلاف مدرسة في ثلاث سنوات بهذا النظام.

شريك الدولة
ومن الاعتراضات على المشروع أنه هناك رؤية لدى البعض تقول إنه إذا كان هناك مستثمر في مجال التعليم امتلك نحو ٢٠ أو ٢٥ مليون جنيه، وهو مبلغ لا يمكنه إنشاء مدرسة مع ملكية الأرض، فمن الممكن جدا بدلا من أن يكون شريكا للدولة بنظام حق الانتفاع، أن يبحث عن شريك آخر لديه الأرض أو يمكنه شراؤها ويؤسسان شركة تبني مدرسة خاصة واحدة على قدر حجم استثماراتهما، وتظل ملكية خاصة لهما إلى الأبد ومن أرباحها يمكنهما إنشاء مدرسة أخرى واثنتين، كما فعل العديد من أصحاب سلاسل المدارس في مصر، وهذه الرؤية لم تتطرق إليها الوزارة في عرض مشروعها، كما أن هناك تخوفا من أن تقوم الدولة بتأميم تلك المدارس في المستقبل، خاصة أنها تمتلك بعض الأسهم فيها، وإذا كانت الوزارة تسعى لوضع نص قانوني في قانون التعليم الجديد يمنحها حق سحب الترخيص من المدرسة الخاصة التي تخالف فماذا يكون رد فعلها مع مدرسة هي شريك فيها في حالة مخالفتها.

تجاهل أصحاب المدارس
وأكد عضو بمجلس إدارة جمعية أصحاب المدارس الخاصة، فضل عدم ذكر اسمه، أن الوزارة تسعى للحصول على كافة الامتيازات دون أن تراعي حقوق المستثمرين، لافتا إلى أنه في أثناء جلسات النقاش للإعداد للمشروع كان هناك أطروحات أخرى للمشروع لكن لم يتم الالتفات إليها وظلت الوزارة مصممة على الطرح المعلن، مشيرا إلى أنه من غير المعقول في تدشين المرحلة الأولى أن يتم تجاهل جمعية أصحاب المدارس الخاصة، وهي الكيان الممثل لهؤلاء المستثمرين.

قناعة المستثمرين

وكشف أحد المشاركين في الاجتماعات التحضيرية للمشروع أن هناك قناعة لدى النسبة الغالبة من المستثمرين بعدم الشراكة فيه، لعدم جدواه من وجهة نظرهم، لافتا إلى أن بعض المستثمرين الذين شاركوا في إعداد المشروع طرحوا أن يتم تعديله، بحيث تقوم الوزارة ببيع قطعة الأرض بسعر السوق وتحصيل ثمنها بالتقسيط على عدة سنوات مع الالتزام بمصروفات محددة، وتستند هذه الرؤية إلى أن الدولة بذلك تشجع على الاستثمار في التعليم وستخفف عبئا عن كاهلها بإنشاء مدارس خاصة والاستفادة من الأموال التي ستحصلها لإنشاء مدارس حكومية.
الجريدة الرسمية