لماذا تراجع التقدير المجتمعي لأرباب صاحبة الجلالة والإعلام ؟!
في غمرة حمى التنافس نسيت أجيال جديدة من الإعلاميين والصحفيين تاريخًا مجيدًا لأسلافهم العظام الذين بنوا أمجاد صاحبة الجلالة برفعة وسمو وأخلاق وضمير وإبداع ورؤية نافذة وثقافة واسعة ووطنية مخلصة نجحت في صنع الاحترام والاعتبار لمهنة أحاطت بها في البدء نظرة دونية حقرتها في أعين الناس.. وكم جاهدت الجماعة الصحفية الأولى لتأسيس نقابتها "الغراء" قلعة الحريات وحامية الرأي وحاملة هموم الوطن وقضاياه.. لكنها آلت اليوم إلى صراعات ومعارك وهمية لا طائل منها.
أعداد الصحفيين زادت بصورة هائلة فيما بعد ثورة يناير، وضمت النقابة إلى صفوفها أعدادًا غفيرة في ظروف ملتبسة وبطرق ملتوية غير مهنية حتى إن شباب الصحفيين وشيوخهم باتوا يئنون من قسوة الظروف المالية والمهنية في ظل تدني الأجور وغياب التواصل والتدريب وتطور القدرات والمهارات وتردي الخدمات.
"الجورنالجي" كان لقبا من يمتهن الصحافة، وهو لقب يضفي على صاحبه مهابة وإجلالًا.. والسؤال هل حافظ "جورنالجية" اليوم على مهابة اللقب وحيويته وتاريخه المشرف من الكفاح أم تراجع التقدير المجتمعي لأرباب صاحبة الجلالة.. واتجهت أصابع الاتهام للإعلام والصحافة بالتسبب في البلبلة وتشويه الوعي بعد ثورة يناير؛ بسبب التهافت في التناول الإعلامي والإغراق في توافه الأمور والانصراف عن شواغل الأمة وهمومها رغم شدة حاجتها لاستنهاض وعيها وهمتها، وفضح أوجه التآمر عليها والفكر الضال الذي يراد إغراقها فيه.
ويبدو طبيعيًا في سياق كهذا أن يتراجع تقدير الناس للصحافة والإعلام، بعد تخلي صحفيين وإعلاميين بارزين عن الرسالة، وتحويلها لمجرد أكل عيش أو سبوبة غفلت عن تحقيق القيم الأساسية للتنوير والتثقيف ومحاربة التطرف والإرهاب، وتبنى هموم الجماهير وتطلعاتهم، فأرادوها معارك غوغائية حول توافه الأمور، واتخذوها مطية لتصفية الحسابات حتى وصل الأمر لحد التلاسن بين بعضهم البعض في غيبة الضمير والنقابة..
وغاب في المقابل المبدعون القادرون على استعادة المهنة من براثن العشوائية والمصلحية والتردي، وإنقاذ الصحافة المطبوعة مما صارت إليه من تراجع في التوزيع والموارد لأسباب يطول شرحها.. ويبقى السؤال: هل الإعلام والصحافة مهنة أم رسالة.. والأهم هل وصلت رسائل الرئيس إلى من يهمه أمر الصحافة والإعلام؟!