رئيس التحرير
عصام كامل

إسماعيل هنية: مصر لن ترى من غزة إلا الخير.. رفضنا التوطين بسيناء.. مستعدون للتعاون لكشف جريمة رفح.. ولن نسمح بالاعتداء على السيادة المصرية

إسماعيل هنية رئيس
إسماعيل هنية رئيس حكومة حماس

قال رئيس الوزراء فى حكومة حماس بقطاع غزة، إسماعيل هنية، إن ذكرى يوم الأرض ترمز للثبات على المبدأ والتشبث بالأرض مهما كانت الدماء والتضحيات المبذولة، مشيراً إلى أن أهل فلسطين لم يسقطوا شهداء دفاعا عن الأرض فقط، بل رفضا للبديل أيضا، ولو كان أغنى وأجمل أرض فى العالم.


وتابع قائلاً: "هذه القيمة هى التى دفعتنا إلى رفض التوطين، ومقاومته بكل شراسة.. رفضناه فى الأردن وفى سيناء ولبنان وفى كل مكان، وفضلنا عليه اللجوء مع مرارته فى انتظار العودة".

وأضاف "هنية" فى مقال خصّ به صحيفة الأهرام المصرية، فى ذكرى يوم الأرض التى يحييها الفلسطينيون 30 مارس من كل عام، أن "مصر التى فى خاطرى وفى فمى..أحبها من كل روحى ودمى"، ليست هذه الكلمات ترديدا لبيت من شعر، ولكنها تغريدة نفس عشقت مصر.. عشقتها وهى تقلب صفحات تاريخ مجيد، وحضارة عظيمة، وتقف فى وقار أمام أزهارها العامرة بالعلم والعلماء، وتتوشح بدماء الآلاف من شهدائها الأبرار الذين كتبوا تاريخ الأمة بدمهم الطاهر، وحققوا مقولة أنهم خير أجناد الأرض.

وتساءل "هنية"، "كيف لا؟، وهم الذين حرروا فلسطين بقيادة صلاح الدين، وردوا هجمة التتار بقيادة بيبرس وقطز فى عين جالوت، وكانوا على مدى التاريخ المخزون الإستراتيجى للأمة وفلسطين، عبروا القناة وهم يصرخون الله أكبر، فمسحوا بها هزيمة الأمة عام 1967، وحققوا مقولة الرئيس الراحل عبدالناصر "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة".

وتابع "هنية": فكيف بعد ذلك يتقول علينا فى حب مصر والعرفان بجميلها المتقولون، إن ما يربطنا بمصر أكبر من رابطة الجوار، وأكبر من المصالح المادية بين الشعوب، إنها رابطة الأخوة والدين والتاريخ المجيد، ورابطة الغيرة على أمنها وشعبها، والحرص على ألا تؤتى مصر من أعدائها أو المتربصين بها وبثورتها".

واستطرد.. "أكتب لكم اليوم يا شعب مصر الحبيب فى ذكرى يوم الأرض الخالد، اليوم الذى سجل انتفاضة شعبنا فى الأراضى المحتلة عام 48 دفاعا عن أراضيهم سنة 1976 متحدين الاحتلال بصدورهم العارية، مما أوقع العديد من الشهداء والجرحى".

وقال رئيس الوزراء فى حكومة حماس بقطاع غزة، إن الدنيا شهدت لنا عام 1954 كيف أحبطنا مشروع التوطين، وشهدوا علينا أننا أثناء حرب الفرقان والسجيل بدلا من الفرار من وجه الموت كان الفلسطينيون إلى الموت يعودون، بل إلى الحياة يعودون، ويتذكر ذلك إخواننا المصريون، ويشهدون كيف دفعنا ثمنا باهظا من أشلاء أطفالنا الذين مزقت أجسادهم الطرية قنابلُ الفسفور على الهواء مباشرة، وهم فى أرضهم صامدون.

وأضاف "هنية".. إن العالم كله رأى الرجال والنساء والشيوخ يذبحون ولا يتراجعون، وهدمت المساجد على رؤوس المصلين الموحدين ولم يتراجعوا، ودمرت المدارس والمصانع والمستشفيات والجامعات، والمخابز والطرقات ونحن صامدون، ندافع عن المقدسات وعن الأسرى وعن كرامة العرب والمسلمين، بسلاح الإيمان وبعض من سلاح صنعنا بعضه بأيدينا.

وأكد "هنية"، أنه "لا أحد من أبناء مصر أو فلسطين يستفيد من تشويه الرجال الذين يهتفون ليل نهار بحب مصر ويدافعون عن أمنها، أو تشويه المقاومة التى تدافع عن كرامة الأمة"، مشيراً إلى أنه على اقتناع تام بأن مصر كانت وتظل قلعة عصية على الاختراق والتطبيع، وتبقى حاضنة للقضية الفلسطينية والمقاومة.

وأشار "هنية" إلى أن الارتباك فى المشهد المصرى وعلاقته بفلسطين، يثلج صدر العدو فقط، وبدا ذلك واضحا فى وسائل إعلامه، وفى تصريحات مسئوليه، الذين رأوا أن مصر فى طريقها إلى الانهيار بسبب وقوف مصر وقادتها إلى جانب فلسطين وغزة والمقاومة، مشدداً على أن إستراتيجية العدو هى إشعال الفتنة فى مصر وعلاقتها بفلسطين، بهدف ضرب الثورة والقضية أيضاً، فيما يعرف بنظرية "الفوضى الخلاقة" التى ابتدعتها كونداليزا رايس.

وتساءل "هنية"، "هل ينجحون؟، لا أعتقد ذلك، وسرعان ما تعود الروح إلى مصر الحبيبة، وتنحاز إلى أمتها ليعود لها الأمن والخير، ولتعود لشعبها المحبة والتعاضد، ولدورها المحتضن لقضية فلسطين".

وأشار "هنية" إلى أن الشعب الفلسطينى وقواه المجاهدة، وفى مقدمتها حركة حماس يؤكد على أهمية العلاقات التاريخية مع مصر، ونحن نشيد بالدعم المصرى للشعب الفلسطينى وقضيته خلال العقود والسنوات الماضية، ونعتز بالتضحيات العظيمة التى قدمها من أجل القضية الفلسطينية، فى إطار قيام مصر بدورها القومى، ونؤكد مركزية الدور الذى تلعبه القاهرة، لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية ونتمسك باستمرار دورها فى هذا المجال حتى إنجاز الوحدة وإنهاء الانقسام.

وقال رئيس وزراء الحكومة المقالة بقطاع غزة، "إننا لا نتدخل فى الشأن الداخلى لمصر، ولسنا طرفا فى أى خلاف سياسى داخل الساحة المصرية، وعلى الرغم من أننا ننتمى لمدرسة الحركة الإسلامية، غير أننا نقف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية فى مصر، ونرى فيها ذخرا وسندا لفلسطين وشعبها، وكل من يحاول التدخل فى شئون مصر أو يضمر لها سوءا أو شرا منبوذ من شعبنا وحكومتنا، وأنه لا مساس بالسيادة الوطنية المصرية لا فى سيناء ولا فى غيرها، ولا نسمح لأحد الاعتداء على هذه السيادة، إذ رفضنا ونرفض التوطين داخل سيناء أو غيرها (فكرة وتطبيقا)، فلسطين وطن الفلسطينيين كما مصر وسيناء وطن المصريين، ولا أساس لكل ما يتم الترويج له على هذا الصعيد.

وتابع "هنية"، "إننا نعتز ونقدر لجيش مصر العظيم، خير أجناد الأرض، كما قال المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، دوره الوطنى والقومى وكفاحه الطويل على جبهة الصراع مع العدو الصهيونى، باعتباره أكبر وأهم الجيوش العربية ودوره المهم فى حفظ التوازن الإستراتيجى مع الاحتلال الإسرائيلى، ونؤكد أن شهداء الجيش المصرى فى رفح هم شهداء فلسطين، وعلى صدورهم أوسمة القدس وبوارق النصر بإذن الله تعالى، وجاهزون للتعاون الكامل لكشف المتورطين بهذه الجريمة النكراء التى هزت كل بيت فلسطينى كما هو كل بيت مصرى.

وأضاف أن الأمن القومى المصرى وعاء إستراتيجى لأمن فلسطين والمنطقة العربية، وغير مسموح لأى فلسطينى العبث بأمن مصر، والحكومة تبذل قصارى جهدها لحماية الأمن المشترك، وأمن الحدود ولا تسمح لأىّ كان أن يجعل غزة منطلقا للإضرار بأمن مصر وسيناء على وجه الخصوص.

وأشار "هنية" إلى أن مصر لن ترى من غزة إلا كل الخير والعزة والصمود والدفاع عن فلسطين وعن حدود مصر الشرقية، وأن مطالبتنا للأشقاء فى مصر برفع الحصار عن غزة وتحويل معبر رفح إلى معبر للأفراد والبضائع وتزويدنا بالكهرباء والوقود، كل ذلك محكوم بالثابت السياسى لدينا، وهو أن غزة جزء من الأرض الفلسطينية ولا نقبل أن تلقى غزة فى وجه مصر ونحن لا نعفى الاحتلال من مسئولياته، وإنما مطالبتنا الإنسانية وإنهاء الحصار الظالم على غزة نابعة من نظرة الأخ إلى أخيه الذى يقف إلى جانبه وقت الشدة والعسرة.

وفى ختام مقاله أعرب إسماعيل هنية عن أمله فى أن تتوخى وسائل الإعلام المصرى الدقة والمهنية عند تناول الموضوع الفلسطينى بشكل عام، وموضوع غزة بشكل خاص، والانتباه من محاولات خلط الأوراق وتعويم المغالطات التى قد تؤدى إلى تأجيج الرأى العام المصرى تجاه إخوانهم فى فلسطين، مدركين أن دعم الشعب المصرى للقضية الفلسطينية، هو عنصر أساسى وركن متين من أركان الصمود والاستمرار فى النضال الوطنى لإنجاز مشروع التحرير والعودة والاستقلال.
الجريدة الرسمية