رئيس التحرير
عصام كامل

الوجه الآخر لنجيب محفوظ.. اعترافات الأديب العالمي: أدمنت الحشيش وممارسة البغاء.. الزواج نقطة التحول في حياتي.. ماليش في السياسة.. الأدب سبب مشاكلي مع السلطة.. «عبدالناصر» ديكتاتور و«الس

فيتو

كل من اقترب من الأديب العالمى نجيب محفوظ أكد أن حياته كانت هادئة ومستقرة، وإنه كان صاحب نظام صارم في يومه ويبحث عن الاستقرار دائما، لكن واحدا فقط هو الذي كشف الوجه الآخر له، هو الأديب والصحفي رجاء النقاش، في كتابه «نجيب محفوظ.. صفحات من مذكراته». 


استطاع نجيب محفوظ أن يحتفظ بخصوصياته ونزواته وآرائه، لم يقلها لأحد، لم يعلنها حتى في جلساته الشهيرة، فهي جلسات عادية، لكن ضخّمها كل من جلس فيها، لكي يعطوا أنفسهم موقعا من الإعراب في حياة أسطورية مثل حياة «محفوظ».

حاول الجميع أن يستفيد من الاقتراب منه، فخرجوا بكتب وحكايات وروايات، قالوا: «شربنا وأكلنا وضحكنا.. وحكى وروى وتذكر معنا»، لكن ظلت حياته الشخصية سرا كبيرا، رفض أن تكون رواية أو كتابا مفتوحا لأي أحد.

أسراره
قال نجيب محفوظ عن أسراره للكاتب الصحفي رجاء النقاش: «حياتي العاطفية لم تكن بريئة أبدا»، وعندما قبّل الروائي العالمي باولو كاويلهو يده سائلا: «لماذا لا تكتب لنا يا سيّدي العظيم سيرتك الذاتية»، رد عليه قائلا: «حياتي الشخصية ليس فيها ما يهم أحد»، لكنه في نهاية حياته، اعترف وفك الحصار عن أسراره وآرائه وانفعالاته، في تسجيلات مدتها خمسون ساعة مع الكاتب الصحفي رجاء النقاش، على مدى سنتين من لقاءاتهما.

وكشف محفوظ لرجاء النقاش، أسرارا خطيرة عن علاقاته النسائية وحياته الجنسية، قائلا: «في الفترة التي سبقت زواجي عشت حياة عربدة كاملة، كنت من رواد البغاء الرسمي ومن رواد الصالات والكباريهات ومن يراني كان يظن أنني حيوان جنسي، فكانت نظرتي للمرأة جنسية، لا عواطف ولا مشاعر فيها، وإن كان يشوبها بعض الاحترام». 

ويحكي نجيب عن العذاب المستمر الذي كان يعيش فيه بسبب علاقاته المتعددة بالفتيات في سن المراهقة التي كان يتجاوز فيها الحد: «كانت التجاوزات البريئة تصطدم بالإحساس الديني وهو على أشده، لدرجة أنني كنت أتوجه بالتوبة إلى الله يوميا، وأعيش في عذاب مستمر من تأنيب الضمير».

القمار والحشيش
ودخل نجيب محفوظ إلى عالم القمار والحشيش، فلا رقيب ولا حسيب عليه، وقال عن ذلك: «عرفت أديبا شابا موهوبا، كان لديه عوامة نقضى فيها نصف الليل ما بين الحشيش والأوانس، وعلمنى القمار، وكنت أشرب الحشيش يوميا، لكني بطلت الحشيش خوفا من التفتيش الذي كان يلازم البيوت بعد انفجار سينما مترو».

عاش نجيب حياة بوهيمية عبثية مبكرة، نقلها إلى أعماله وشخصياته وحكاياته حيث اعترف أكثر من مرة أنه «كمال عبدالجواد» الحقيقي، بطل ملحمة الثلاثية، الشاب المتدين المتعلم، الذي يحمل إرثا كبيرا من الثقافة والعادات، ويؤمن بها أشد الإيمان، ولكنها تحطمت داخله، فدخل إلى عالم البغاء وترك العلم والفلسفة. 

نقطة التحول
«إما أكون إنسانا أو حيوانا».. عبارة قالها "كمال عبدالجواد" عندما حاول صديقه أن يغويه، ويبدو أن نجيب محفوظ، وقف مع نفسه طويلا، وقال لنفسه هذه الجملة، فتحولت حياته من العربدة إلى العالمية. 

قال«نجيب»: «زواجي غيرني وهذبني، كنت لا أتخيل أنني سأتزوج يوما، واعتقدت أن الزواج سيعطلني عن الأدب، ولكن ربنا أكرمني بسيدة فاضلة، وفرت لي المناخ المناسب للكتابة والحياة الهادئة». 

وأضاف: «الكتابة هي حياتي، وكان أبي يريدني أن أدخل كلية الطب، لكني خيبت أمله ودخلت كلية الآداب قسم الفلسفة رغم أنني كنت ضعيفا في المواد الأدبية ولا أحبها».  

علاقته بالسلطة
حاول نجيب محفوظ، الهروب من إبداء آرائه في السلطات السياسية طوال حياته، فالسياسة لعبة لا يتحملها قلبه، إنه صاحب خيالات وحكايات، إنه رجل لا يدخل في عداوات مباشرة، لكنه يصنع معارك وثورة على الورق في رواياته ينتقم فيها من كل خصومه. 

وعن ذلك يؤكد: «أنا مش بتاع سلطة.. أنا بتاع أدب، مع أن الأدب سبب لي متاعب كثيرة مع السلطة».

ويحكي: «بعد نشر رواية ثرثرة فوق النيل، ثار المشير عبدالحكيم عامر، وبلغني أنه هدد وتوعد بإنزال العقاب بي بسبب النقد العنيف الذي تضمنته الرواية عن سلبيات قائمة في المجتمع، وقال: يجب تأديب نجيب محفوظ، لأنه زودها أوي»، وأكمل: «قصة أخرى نشرتها بعنوان سائق القطار، كادت تتسبب في اعتقالي، بعد أن همست الأوساط الثقافية بأنني أقصد جمال عبدالناصر، لكن تفسير فريد أبوحديد للقصة أنقذني وأخرجني من الأزمة». 

يقول: «محمد حسنين هيكل رفض نشر رواياتي الكرنك والمرايا في الأهرام، وذهب لتوفيق الحكيم يقول له: يرضيك كده شوف نجيب باعتلي إيه».

آراؤه في الرؤساء
قال نجيب في اعترافاته: «عبدالناصر كان ديكتاتوريا، وأدخلنا في أمور لم نكن في حاجة لها، وحرب الاستنزاف كلام فارغ»، وأضاف: «كل أدباء مصر عانوا في عهد جمال عبدالناصر، فزوجتي كانت تشكو من مراقبة أحد الأشخاص لها، وكنت أشعر أنني مراقب أثناء سيري في الطريق». 

أما عن السادات، فقال: «عندما تولى السادات، قلت هل هذا الأضحوكة سيكون رئيسا لمصر، لكنى أيدته بعد ذلك وأدركت أنه حاكم قدير رغم أن روشة حصلتله في مخه بعد حرب أكتوبر»، وكشف عن تأييده الكامل لحسني مبارك قائلا: «لا مانع من انتخابه مدى الحياة، فهو رجل نظيف وممتاز جدا».
الجريدة الرسمية