رئيس التحرير
عصام كامل

نجيب محفوظ يروى ذكريات بدايته الأدبية

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

في مجلة الإذاعة عام 1957 كتب الأديب نجيب محفوظ مقالا تضمن بعضا من ذكرياته قال فيه: "بدأت حياتى الفكرية بقراءات هزيلة لم تكن تخلق لى ثقافة، أو تصنع منى أديبا لو واظبت على قراءتها ألف عام.


ففى أوائل سنوات ثانوى قرأت سلسلة جونسون وميلتون توب للمغامر المصرى حافظ نجيب، ثم ألهبت الوطنية وأحداث السياسة عاطفتى فكتبت الشعر الوطنى، ووقعت في الحب ولم ينقذنى ولم يشفنى منه إلا قصائد طويلة كتبتها في الغزل العفيف.

ودخلت بعد ذلك جامعة طه حسين والعقاد والمازنى فقرأت من شعر العقاد دواوينه (الديوان، حى الأربعين، دعاء الكروان)، وقرأت كتاب طه جسين في الأدب الجاهلى، حديث الأربعاء، الأيام، وقرأت للمازنى (قبض الروح، إبراهيم الكاتب). 

وأنا في كلية الآداب كتبت مقالات في الفلسفة نشرتها "المجلة الجديدة" و"المعرفة"، وكل الصحف التي يشرف العقاد على تحريرها؛ لأنه كان يفسح صدره لإنتاجى دائما.

ثم واجهت أخطر مرحلة في حياتى، كنت أمسك بيدى كتابا في الفلسفة وفى اليد الأخرى قصة طويلة من قصص توفيق الحكيم أو يحيى حقى أو طه حسين، وكانت المذاهب الفلسفية تقتحم ذهنى في نفس اللحظة التي يدخل فيها أبطال القصص من الجانب الآخر.

وجدت نفسى في صراع رهيب بين الأدب والفلسفة، صراع لا يمكن أن يتصوره إلا من عاش فيه، وكان علىّ أن أقرر شيئا أو أجن.

ومرة واحدة قامت في ذهنى مظاهرة من أبطال أهل الكهف الذين صورهم توفيق الحكيم، والبوسطجى الذي رسمه يحيى حقى والفلاح الصغير الذي لا يعرف من الدنيا أبعد من حدود عيدان الغاب على حافة الترعة في رواية الأيام، وأشخاص كثيرين من أبطال قصص محمود تيمور.. كل هؤلاء كانوا يسيرون في مظاهرة واحدة، فقررت أن أهجر الفلسفة وأسير معهم.

وبدأت إنتاجى الأدبى كتبت أول مرة عام 1936 نحو 100 قصة نشر حسن الزيات معظمها في مجلة "الرواية"، ونشرت الباقى في مجلات الرسالة والثقافة، وكتبت قبل ذلك أكثر من 60 قصة لم أنشرها لأنى لم أكن راضيا عنها.

وجربت كتابة الرواية الطويلة وكنت أذهب إلى سلامة موسى لينشرها لكنه كان يقول حاول مرة ثانية وبعد أربع محاولات كتبت "عبث الأقدار"، ونشرها سلامة موسى في المجلة الجديدة مقابل 500 عدد من المجلة ثمن الواحد 5 قروش أعطيها لإحدى المكتبات مقابل قرش واحد عن كل عدد".
الجريدة الرسمية