رئيس التحرير
عصام كامل

التليفزيون الألماني يسلط الضوء على أزمة معالجة مياه الصرف في الدول العربية.. الاهتمام بالمدن فقط.. التكاليف الباهظة أبرز الأزمات.. المحطات المتوسطة طوق النجاة.. و10 آلاف مستفيد منها

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

 سلط التليفزيون الألماني «دوتش فيله» الضوء على مشكلة محطات المعالجة اللامركزية لمياه الصرف الصحي، في أكثر من دولة عربية على رأسها مصر والأردن، وكيف يمكن الاستفادة من تلك المحطات لتنقية المياه واستخدامها في الزراعة.


 وفي البداية يشير التقرير إلى تركيز محطات معالجة مياه الصرف الصحي الناتجة عن الاستهلاك المنزلي والصناعي في العواصم والمدن الكبيرة في معظم الدول العربية، أما الأرياف التي يعيش فيها 40 إلى 60% من السكان فغالبًا ما تكون محرومة من محطات المعالجة هذه رغم أهميتها في التنمية والحفاظ على البيئة والصحة ومصادر المياه، وأيضًا حاجتها الماسة للمياه كمصدر للري.

 وتقول الدكتورة نعمى شريف، خبيرة معالجة المياه التي تعمل مع المركز الألماني الدولي للهجرة والتنمية والمحاضرة في جامعة البلقاء التطبيقية، في الأردن، إن تغطية الأرياف بخدمات الصرف الصحي في معظم الدول العربية إما معدومًا وإما لا تتعدى 15% في أحسن الحالات.

 مشكلة التكاليف الباهظة
يعود حرمان الأرياف من خدمات الصرف الصحي بشكل أساسي إلى التكاليف الباهظة المطلوبة لبناء محطات المعالجة المركزية الكبيرة، وتنفيذ شبكات الصرف اللازمة لربطها مع تجمعات سكانية صغيرة بعيدة عن بعضها، وعن المحطات المركزية في المدن الكبيرة.

وتفوق هذه التكاليف في العادة طاقة الكثير من الدول التي تعجز حتى عن توفير هذه الخدمات للتوسع العمراني الذي تشهده المدن، لاسيما التوسع العشوائي منه، يضاف إلى ذلك أن الحكومات عادة ما تركز في خططها العامة على المدن، لاسيما أن "اللوبيات القروية" في أوساط صناع القرار غائبة.

وهذا ما نراه على سبيل المثال في مصر، حيث يتم التركيز على المدن الرئيسية وفي مقدمتها القاهرة والإسكندرية، في حين أن المناطق الريفية التي يقطنها 45% من السكان تفتقر إلى هذه الخطط،على حد قول الدكتور إسماعيل الباز مدير المشروع الألماني لإدارة الصرف الصحي والتكيف مع تغير المناخ في مؤسسات التعاون الدولي الألمانية GIZ.

الحل في البساطة
استدعى ارتفاع تكاليف المحطات المركزية وتركيز التخطيط على المدن البحث عن حلول اقتصادية مجدية لمعالجة مياه الصرف الصحي في التجمعات السكانية الصغيرة، وقد وجدت عملية البحث هذه ضالتها في محطات المعالجة اللامركزية الصغيرة والمتوسطة للمياه الناتجة عن استهلاك التجمعات ما دون 10 آلاف نسمة، بما في ذلك البيوت والفنادق والمؤسسات الصناعية والحرفية المنفردة.

وعليه فإن الدكتورة نعمى شريف ترى في هذه المحطات الحل الأمثل لميزاتها الكثيرة كونها "تقوم على المعالجة البيولوجية الطبيعية وشبه الطبيعية للمياه وتنقيتها بطرق بسيطة وموارد محلية كالرمال والفحص والتي تعمل على شكل فلتر طبيعي للمعالجة واستخدام النباتات المائية والبكتيريا أيضًا لمعالجة مياه الصرف الصحي، الأمر الذي يوفر في استهلاك الطاقة ويخفّض تكاليف التشغيل.

ويرى الدكتور إسماعيل الباز أن إدارة مثل هذه المحطات يعتمد على الطاقات البشرية المحلية ولا يتطلب خبرات عالية مضيفًا أن "فوائدها الاقتصادية تساعد على تعزيز الاستقرار في الأرياف كونها تدعم الزراعة والبنية التحتية للصناعة، فالمياه الناتجة عنها يُعاد استخدامها في سقاية المزروعات، ومن شأن ذلك أن يحد من الهجرة العشوائية إلى المدن".

تجارب عربية
وبدأت محطات المعالجة اللامركزية التي تعد ألمانيا رائدة في تكنولوجا استخدامها تأخذ طريقها إلى مناطق ريفية عربية في بعض البلدان مثل الأردن وتونس والمغرب ومصر، ويعود التعاون في مجال الصرف الصحي بين ألمانيا وهذه الدول إلى سنوات طويلة.
الجريدة الرسمية