رئيس التحرير
عصام كامل

نحتاج منظومة تشريعية جديدة لا ينفذ من ثغراتها الفاسدون!


الطريقة التقليدية في مواجهة فساد أكثر تطورًا صارت مفسدة حقيقية تعيق التنمية، وتلتهم أي عوائد محتملة أو مأمولة.. وتحمل الدولة والمواطن وكذلك الإدارة السياسية فاتورة باهظة هي في غنى عنها، وتثير الحنق والإحباط والتشاؤم لدى عوام الناس وخاصتهم، وتترك المجال واسعًا أمام محاولات التشكيك والصيد في الماء العكر.. وآن لذلك كله أن يتغير بلا مواربة ولا تلكؤ.. وأحسب أن لجنة استرداد أراضي الدولة بؤرة مضيئة في أجواء ضبابية.. وتجربة مبشرة بالخير.


لا غنى عن إصلاح المنظومة التشريعية الحالية التي ينفذ من ثغراتها الفاسدون وأعوانهم لمنع ظاهرة "الفساد بالقانون" التي جعلت القانون أداة طيعة في يد الفاسدين يوظفونه كيف شاءوا لحماية مصالحهم.. وقبل الشروع في أي إصلاح علينا الإجابة عن جملة أسئلة: ماالفساد..وكيف نجفف منابعه ونمنع التلاعب بالقانون وقبلها نمنع الاستثناءات أو التوسع فيها في أي قانون حتى لا يتحول الاستثناء إلى قاعدة تعطل القاعدة الأم أو القاعدة الأصلية.. وإذا كان رئيس البرلمان قد اتهم الأنظمة السابقة بغض الطرف عن الفساد حتى وصل إلى الرقاب في المحليات.. فماذا هو فاعل لتطهير البلاد والعباد من أي فساد ؟!
فاتورة الفساد باهظة.. لا شك في ذلك وما نعلمه من أمره هو حتمًا قليل مقارنة بما لا نعلمه، والفاتورة سوف تدفعها أجيال حاضرة وأجيال قادمة، وهي فاتورة مرهقة جدًا لخزانة الدولة تكبدها المليارات سنويًا، وهي مليارات تشتد حاجتنا إليها لبناء مدارس جديدة تمتص الزيادة المطردة للسكان ومستشفيات لا غنى عنها، وتحسين مستوى خدمات يحتاجها المواطن ويتعذر حصوله عليها مما يزيد إحساسه بالظلم ويجرح شعوره بالانتماء لوطنه، ويقلل دوافعه في العمل والإنتاج، ويوسع نطاق الجرائم، ويهز منظومة الأخلاق والقيم؛ وهو ما يضعف في النهاية قدرة النظام على إشباع احتياجات مواطنيه، ويعرض الاستقرار للخطر.

وإذا كانت مكافحة الفساد مسئولية الحكومة أولًا، فهي أيضًا واجب على المجتمع بشتى فئاته وأطيافه ومؤسساته الفاعلة، بل إن المسئولية المجتمعية لا تقل أهمية في جهود المكافحة..فثمة ثقافة رضيت وباركت الفساد. وتغيير مثل هذه الثقافة مهمة المجتمع الحاضن الأولى لأي ثقافة أو سلوك اجتماعي عملًا بقول الرسول الكريم: "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته"، ولن نجني ثمرات المشروعات الكبرى ولا جهود أي إصلاح إذا بقيت معدلات الفساد على وتيرتها المتزايدة، وبقي الدولاب الحكومي، والبطالة والتضخم والغلاء والتلاعب بالأسعار والدولار على الحالة الراهنة.. وكما أن الإرهاب خطر محقق؛ فالإهمال والاحتكار والفساد ونشر الشائعات معاول هدم لدولة القانون والمؤسسات.. وذلك هو الخطر الأعظم.. لو تعلمون !


الجريدة الرسمية