مخلفات البناء.. الثروة المهدرة
آلاف الأطنان تعلن المحليات في مختلف المحافظات عن رفعها يوميا، النسبة الأكبر منها مخلفات بناء، يتم نقلها من مكان لآخر جديد كلما ضاق، باعتبارها عبئا يتم التخلص منها.
أنا شخصيا أشعر بهذا العبء الذي تقوم به المحليات، أشاهدها بشكل شبه يومي ترفع أطنانا منها كلما ذهبت أو غدوت، لا هي قادرة على المنع، ولا المواطنون يتوقفون عن إلقائها على حواف الطرقات والكباري رغم تغليظ العقوبة لغياب الرقابة.
الأهم من غياب الرقابة هو غياب الفكر في التعامل مع هذا الموضوع الذي تحول نتيجة عقمنا الفكري والإبداعي إلى أزمة.. فيما أحاله آخرون إلى ثروة وقيمة مضافة لأنهم تخلوا عن عقلية الموظفين.. وأبدعوا في الوصول إلى حل..
في العاصمة الصينية بكين أقامت شركة "يوانتايد" العلمية المحدودة لحماية البيئة، مصنعا لتدوير مختلف مخلفات البناء في بكين، فماذا ينتج هذا المصنع مما نعتقد نحن أنه ابتلاء نقف أمامه عاجزين؟.
ينتج مصنع تدوير مخلفات البناء، الخرسانة المسلحة، والأسفلت، والرمل والحصى والغاز النظيف والفحم النباتي، والمبيدات الحيوية، ومكيفات التربة ومسرعات النار، وبلاط الأرصفة.
منتجات المصنع لاتقل كفاءة بأي حال من الأحوال عن مثيلاتها من المنتجات الأولية، وتتعرض للعديد من عمليات الفحص، وهي خالية من أية إشعاعات أو ملوثات، ويتم تسويق المنتجات بنسبة 100 %، تدر سنويا ملايين الدولارات، ولا ينبعث عن المصنع أي ملوثات للبيئة لا غبار ولا دخان ولا رائحة ولا غازات، بلا إنه يحمي من الانبعاثات الضارة أثناء عمليات التخلص التقليدية من هذه المخلفات، وخاصة غاز ثاني أكيد الكربون والأتربة، ومن يقيمون في القاهرة وخاصة في المناطق الشعبية يدركون تماما كيف يعانون من غبار الأتربة.
أذكر إعلانا تليفزيونيا قديما لتنظيم الأسرة "انظر حولك".. فهل نظرت حكومتنا الموقرة بعيون مبصرة وعقول منفتحة على التجارب من حولنا وعملت على الاستفادة منها، طالما أنها مازالت غير قادرة على الإبداع والابتكار وإيجاد حلول من خارج الصندوق.. على فكرة الصين اعتمدت في بداياتها على ذلك المنهج "النقل والتقليد".