رئيس التحرير
عصام كامل

المشككون والكارهون.. أين بدائلكم؟!


الحكومة لا ترى اللجوء لصندوق النقد مجرد اقتراض أموال هي في حاجة إليها بل هو شهادة ثقة في الاقتصاد المصري بأنه يسير في الاتجاه السليم.. ورغم أن ذلك صحيح إلى حد كبير لكن هل قدمت المعارضة والمزايدون على إجراءات وسياسات الحكومة بدائل علمية تغنينا عن قروض صندوق النقد الدولي وغيره.. هل تقترح بدائل أخرى لجعل اقتصادنا بيئة حاضنة وجاذبة للاستثمار وليست-كما هو الحال-طاردة تدفع هذا الاستثمار للهرب، خصوصًا الخارجي منه والذي يمكنه حل أزمة العملة الصعبة إذا ما قرر التوطن في أرض المحروسة، وضخ نقده الأجنبي، وتشغيل العمالة وتصدير المنتجات، ودفع الضرائب والـتأمينات وغيرهما..


أم شعر هؤلاء المشككون باقتراب سيف الإصلاح الاقتصادي من رقابهم فأرادوا إيقافه وتعطيله لينعموا بمغانم الفساد الذي يعيث في البلاد طولًا وعرضًا رغم ما تبذله الدولة من جهود مضنية للتصدي له ومكافحته واجتثاثه من جذوره من خلال الإصلاح الإداري بإصدار قانون الخدمة المدنية، مرورًا بنظام الشباك الواحد، وميكنة الإجراءات لضمان السرعة والشفافية في إصدار تراخيص المشروعات الجديدة، والإصلاح الضريبي والتيسيرات الجاذبة للاستثمار.

منظومة الدعم تأخر إصلاحها كثيرًا، ولم تجرؤ حكومات كثيرة على الاقتراب منها منذ وقعت انتفاضة الخبز.. وكانت النتيجة ما نراه اليوم من اختلالات هيكلية كبيرة، ندفع جميعًا ثمنها فادحًا.. ورغم أن ثمة تجارب دولية عديدة سبقتنا في هذا المضمار وعالجت هذه المنظومة بكفاءة وعدالة لم ترهق الفقراء، ولم تحاب الأغنياء وكانت بين ذلك قوامًا.. فإنها اضطرت لذلك بضغوط شديدة من صندوق النقد الدولي خلافًا لحكومة مصر التي أخذت زمام المبادرة حتى من قبل أن يطرأ على بالها موضوع الحصول على قرض منه.. لقد قررت الإصلاح بيدها لا بيد الصندوق، واتخذت من أجل ذلك إجراءات سبقت التفاوض مع المؤسسة الدولية مثل تخفيف الدعم وتحرير الطاقة، والشروع في إعداد قانون الخدمة المدنية الذي رفضه البرلمان في البداية ثم عاد ووافق عليه بعدما أدخل عليه ما أراد من تعديلات.

لم يعبأ الرئيس بشعبيته بل انحاز لمصلحة الوطن على حساب تلك الشعبية، ولم يكترث بما تدبره أطراف هنا وهناك لزرع الإحباط والتشكيك والنيل من رصيده لدى الشعب، وهو ما صادف للأسف قرارات مرتبكة أقدمت عليها الحكومة بلا قصد، ناهيك عما يفعله التجار الجشعون والمحتكرون والفاسدون للتربح ولو على حساب المواطن وشعبية الرئيس الذي يدفع وحده فاتورة ما يفعله هؤلاء جميعًا.
الجريدة الرسمية