نجيب محفوظ يكتب: الأدب العظيم ينبع من الذات
في جريدة الأهرام، عام 2000 وبعد فوز الأديب نجيب محفوظ بجائزة نوبل، كتب مقالا يقول فيه: "مع تقدم العمر يشعر الإنسان ويدرك أن منشأه هو المأوى كأنه يعيد دورة الحياة، إنه يقابل بعالم جديد يبدو لأول وهلة أنه ليس عالمه، لا يكفى أن تفهم عالمًا ما حتى يصبح عالمك الذي يخصك، إن المعايشة أعمق من ذلك".
نحن نتجه إلى عالم جديد هذا العالم يقينًا لم أعايشه أنا في نهاية مرحلة أفول عمر وإذا سألت ما التجربة الحية المكتملة التي عشتها ستجد أنها تتمثل في القديم ليس بمعنى الرجوع إلى قيمه، أو بمعنى رفض الجديد، ولكن باعتباره المأوى الخاص بك لأنك عايشته وفهمته.
أما الجديد الآتى فأنت تتمنى له الخير، ولاشئ غير ذلك، لأنك لن تشارك فيه بنفسك، فعلى سبيل المثال أنا عندى أولاد الآن، أدرك تماما انهم سيعيشون حياة مختلفة أدرك اننى لن أشارك فيها، لذا في هذه الدنيا الغريبة يركن الإنسان إلى طفولته إلى العمر الآمن الذي انقضى.
يخيل إلى أن الإنسان كلما تقدم به العمر يتذكر طفولته أكثر، ذلك لأن هذه الفترة عاشها حياة كاملة غير مرسومة.
حدث لى أن كل التجارب الروائية الأولى كانت نتيجة حياة عاشت بدون تخطيط ولكن كان يتحكم في علاقاتها العلاقات الإنسانية، أنت فيها تعرف الإنسان كإنسان "وبس"فيه مودة، نفور، حب، كره، كله طبيعى، ولكن مع تقدم العمر تبدأ في مراقبة الناس تحولهم إلى اشياء ومواضيع عندئذ يضيع منهم جانب كبير.
يعنى أنا اتصورك وأنت تلعب في الحارة تعرف ناسا معرفة طبيعية بخيرها وشرها ثم أصبحت اليوم بون تلقائية الزمن الماضى ربما تنظر إلى الناس من جانب طبقي هنا فقدت الإنسانية جانبا منها".