يا أمه
قالت له عندما عرض عليها عروسة التي أحبها واختارها قلبه: لا يا ابني بلاش البت دي مش حتنفعك لكنه تمسك بها، وأصر على الزواج منها، بعد أن قضى معها أياما وليالي على الكورنيش، وفي المنتزهات، وشعر بأنها هي الوحيدة القادرة على إسعاده، ومن ثم أصر على الزواج بها، وألح على ذلك..
كانت هي أمراة جميلة يافعة حقا.. لها وجه كوجه البدر وفم كحبة الكريز، وعينين واسعتين يتخللهما البياض، وكانت متحدثة لبقة، وذكية، ما جعلها تلفت إليها الأنظار، ما جعله يشعر بانجذاب إليها لكنه لم يخبرها بذلك خشية أن تصده.
لكن مع مرور الأيام أدرك أنها معجبة به، فهو شاب مستقيم، لم يعتد الجلوس على المقاهي، وتناول المسكرات، وما حرم الله، بل إنه لم يدخن ولو لمرة في حياته لذلك فهو قوي البنية ممشوق القوام متناسق الهيئة، ما جعله محط أنظار زملائه وزميلاته، ولم تكن تلك أهم ميزاته بل إنه يمتلك ثروة لا بأس بها.
بدأت أحواله تتغير وبدأت الأم تشعر بأن شيئا ما يحاول ابنها إخفاءه عنها، بعدما لاحظت كثرة شروده وتفكيره وانشغاله بأشياء لم ينشغل بها من قبل، ومن ثم راحت تبحث عن السبب!
ولأنها امرأة متعلمة وذكية لم تسأل ابنها عن السبب، بل راحت تبحث وتفتش بنفسها عن ذلك، وسرعان ما أدركت أن قصة حب تجمع بين ابنها وإحدى زميلاته.
لفرحت الأم فرحا شديدا لكنها لم تستطع صبرا وراحت تسأل عنها، واكتشفت أشياء جعلتها تغير نظرتها إليها وترغب في إبعادها عنه لكنها لم تستطع فعل ذلك، فقد اكتشفت فقر العروس ووضاعة بيئتها وكثرة اهتمامها بنفسها ومكياجها وسمعت أشياء كثيرة عنها وعن عائلتها ومن ثم ترددت كثيرا ولم ترد إخباره بذلك وانتظرت أن يخبرها هو بأمر حبه.
ذات مساء جمعهما العشاء وكان على غير عادته إذ بدا سعيدا منشرح الصدر يمتلي بالأمل والسعادة والسرور وعندما سألته عن ذلك فاتحه في أمر تزويجه من زميلته في العمل، راحت تصطنع الفرحة، وتسأله عمن هي العروس، وعندما أخبرها لم تشأ أن تفسد عليه فرحته، وراحت تخبره بأن العروس لا تصلح زوجة له لكنها لم يسمع كلامها!
أيام قليلة وتم إعلان الزواج، ولأنه كان ابنها الوحيد لم تشأ أن تفسد عليه فرحته بل وقفت إلى جانبه مرغمة تصطنع الفرحة وتتمني له حياة سعيدة.
أيام قليلة مرت بعد الزواج اكتشف بعدها الابن ما لم تخبره به أمه فقد كانت العروس أنانية تحب الامتلاك، وتحب نفسها بقدر لم يكن يتوقعها،وكانت طلباتها أوامر لابد أن تنفذ، وهو الأمر الذي لم يعجبه لكنه حاول إصلاحها وليته ما فعل
بدأت الصدامات بينهما تزداد يوما بعد يوم، وسرعان ما تغيرت النفوس ونشبت الخلافات بينهما كانت امه تري ما عليه ابنها من خلافات ومشكلات لكنها ابدا لم تتدخل في حياته، أو تحاول التدخل فيها بعد أن رفض نصيحتها.
مرت الأيام سريعا، وبدا شبح الطلاق في الظهور، وباتت آثاره تبدو عليه، فقد أصبح سريع الغضب كثير التوتر، وأصبحت زوجته أكثر حدة وعنفا منه بل إنها كانت تتطاول عليه أمام أقاربه وجيرانه ولأنه يحبها كان دائما يلتزم الصمت، لكن امه لم يعجبها هذا الأمر ومع ذلك لم تنبس ببنت شفة، حيث إنها كانت تري أنه اختار حياته، ولابد أن يكون هو صاحب القرار فيها.
مرت الأيام سريعا وأنجبت له زوجتها ثلاث بنات مما جعله أكثر ارتباطا بها وبهن بعد أن أصبح هو العائل الوحيد، وذات مساء وبينما كان يجلس في غرفته وحيدا اشتد به الحنين إلى أمه وتمني لو أنها لازالت على قيد الحياة فدخلت عليه ابنته تطلب منه آمرا ما وعندما خرج معها اصطدمت أذنه بصوت رمضان البرنس «يا أم.. آه يا أمه من غير الأم لا خال ولا عم بيشال الهم» ساعتها صرخ: يا أمه.