نقابة المهن الرياضية.. الحلم الضائع
منذ ما يقرب من ثلاثين عامًا تفاءل الرياضيون بظهور كيان يجمعهم ويدافع عن مصالحهم ويوفر لهم حياة كريمة، كان هذا الكيان هو نقابة المهن الرياضية، حيث تحملت مجموعة من الرياضيين العظماء في ثمانينيات القرن الماضي عبء إنشاء هذه النقابة.
وبالفعل نجح هؤلاء الأفاضل في انتزاع اعتراف من الدولة بنقابة المهن الرياضية، وصدر قانون المهن الرياضية رقم(3) لسنة1987 وبدأ العمل فيها من حينها، وازدهرت النقابة خلال عشر سنوات متتالية حتى عام 1997، ثم دخلت النقابة بعدها في نفق مظلم، ابتداءً من انتخابات 1998، حيث استقال معظم أعضاء مجلس الإدارة، وكانت النقابة في كل مرة تفشل في إكمال الجمعيات العمومية لإجراء الانتخابات حتى عام 2012، حيث أمضى مجلس الإدارة في ذلك الوقت أكثر من 12 عامًا في إدارة النقابة دون أي انتخابات؛ وهذه كانت الكارثة.
جاءت ثورة 25 يناير بعدها؛ وأُلغِي قانون النقابات الذي كان يقف عائقًا أمام اكتمال الجمعيات العمومية، وبالفعل قام رئيس المجلس القومى للرياضة حينها بتنفيذ حكم قضائي لصالح محمد الحباك، ويقضي بحل مجلس الإدارة وتعيين مجلس إدارة مؤقت لإجراء انتخابات جديدة، وتم فتح باب الترشح، وبعدها كانت الانتخابات رغم ما كان فيها من عوارٍ أثبتته المحكمة لاحقًا من خلال حكم قضائي آخر في 28/ 2/ 2016 لصالح الحباك.
وجاء هذا المجلس الجديد والرياضيين كلهم أمل كبير أن تتغير أوضاع نقابتهم التي افتقدوها لسنين لتكون لهم عونا وسندا أمام جور الأندية والاتحادات والمدارس والهيئات التي يعملون بها، ولكي يستطيعوا بذلك مواجهة مصاعب الحياة أمامهم.
وكانت المفاجأة أن جاءت تشكيلة أعضاء مجلس الإدارة بنسبة 90% من أقاليم مصر و10% من القاهرة الكبرى، رغم أن أغلب أعضاء نقابة المهن الرياضية المسجلين بالنقابة موجودون داخل القاهرة، وهنا حدثت الفجوة لوجود صعوبة كبيرة في التواصل بين أعضاء النقابة وبين مجلس إدارة النقابة لعدم قدرتهم على تفهم مشكلات الرياضيين واهتماماتهم واحتياجاتهم، لأنهم بعيدون عن أغلب الأحداث في القاهرة الكبرى.
كما زادت الأمور تعقيدًا عندما رفض المسئولون بالنقابة قبول التجديد السنوي للأعضاء، وهذا مخالف للقانون، وقد كانت حجتهم عدم قيام المدربين بسداد نسبة الـ5% المذكورة بالقانون رقم(63) لسنة 2010 وهى نسبة جائرة جدًا، صدرت بقانون عن طريق الخطأ؛ حيث أفاد واضعو مشروع القانون أنها كانت نصفًا بالمائة وأثناء مناقشتها في مجلس الشعب كتبت خطأ، كما أن النادي الأهلي أقام دعوى قضائية أمام المحكمة الدستورية لإلغاء هذه المادة المجحفة.
ورغم علم المجلس الحالى بهذه المعلومة، وبدلًا من السعى في تعديلها للتخفيف عن كاهل المدربين والإداريين؛ يضغط عليهم لمطالبة أنديتهم واتحاداتهم بهذه النسبة، ونتيجة لذلك حدثت خلافات كثيرة بين الأندية والمدربين البالغ عددهم أكثر من عشريــن ألف مدرب، وللأسف كان من الواجب أن يقوم مجلس النقابة بدراسة هذا الموضوع وحله بدلًا من ترك المدربين في مواجهة أنديتهم، فالنقابة مسئولة عن الدفاع عن المدربين وليس وضعهم في أزمات ومشكلات.
ومن الكوارث الكبيرة وفى ظل مطالبة المدربين بسداد مبالغ طائلة؛ لا يوجد إلى الآن رعاية طبية للمشتركين بالنقابة!! وهذا من أبسط الأمور وأهمها لأي رياضى أن توفر له نقابته تأمينًا طبيًا كباقي النقابات، وبعد هذا كله يأتي التساؤل: أين تذهب هذه الأموال التي تُحَصَّل من أعضاء النقابة إذًا؟ هل تذهب لحفلات الإفطار الرمضانى والعلاقات الشخصية؟
كما قام المسئولون بالنقابة بالتنازل عن مقر النقابة الموجود بمقر وزارة الشباب والرياضة منذ ثلاثين سنة دون أي مقابل، وأرهقوا ميزانية النقابة بشراء شقة كلفت الملايين، ولا أدرى ما مصلحتهم في ذلك؟!
وهل من المنطقي أو من المعقول أن يكون معاش الرياضي الذي عمل لسنوات ويستحق التكريم في كبره 40 جنيهًا شهريًا؟! أين تذهب الاشتراكات السنوية للأعضاء إذًا، وفيم تستغل، وقد تمت زيادتها إلى الضعف خلال الأربع سنوات الأخيرة؟!
للأسف الشديد، لقد أصبحت نقابة المهن الرياضية حلمًا ضائعًا؛ سببه الإدارة الفاشلة، والمصالح المتعارضة، والضحية في آخر المطاف هو الرياضي الذي كان ينتظر من بيته وحلمه الدعم والمساندة والدفاع عن حقوقه.