رئيس التحرير
عصام كامل

حكومة الانهيار لا تستحق الانتظار


كشفت الأزمة الاقتصادية التي تعانيها مصر نتيجة شح الدولار وتحوله إلى تجارة يقودها "الإخوان" بمعاونة جهات في الداخل والخارج لضرب اقتصاد مصر وإجبارها على "الحل المر" باللجوء إلى قرض صندوق النقد الدولي، عن قدرات الحكومة الضحلة وافتقادها القدرة على إدارة الأزمات، كما فتحت الأزمة المجال أمام سيل منهمر من الحلول التي تنم عن خبث أو شماتة وانتهاز الفرص ومحاولة استعادة أجواء فوضى 25 يناير من جديد لتحويل مصر إلى عراق وليبيا ويمن وسوريا بعد أن فشلوا في المرة الأولى.


لا أقول هذا حتى ألتمس العذر لأحد بل للتأكيد على أن ما وصلنا إليه من "ترد اقتصادي" هو نتيجة مؤامرة "الربيع العربي" وما صاحبها من مظاهرات وتفجيرات وحرق هيئات حكومية وأثرية واقتحام سجون وقتل وإرهاب وانفلات أمني، ووقف حال البلد وهروب الاستثمارات وشلل الإنتاج وإغلاق المصانع ثم توقف حركة السياحة وهلم جر!

وبمناسبة مؤامرة "الربيع العربي" أطل الأمريكي الفرنسي عصام حجي على قناة "إخوانية" مستنكرا صفقات التسليح المصري متناسيا أن العدو الإسرائيلي يتربص بنا، وأنه طرف أصيل في المؤامرة وأن كل ما تحيكه أمريكا وعملاؤها هدفه سيطرة إسرائيل على المنطقة.. ولم يكتف حجي بما قاله بل أصدر بيانا لتشكيل فريق رئاسي ووزاري للانتخابات المقبلة أطلق عليه "مبادرة الفريق الرئاسي 2018" وتضمن البيان مجموعة محاور سعى فيها لاستغلال العجز الحكومي الحالي!

عندما نأتي إلى رئيس الوزراء شريف إسماعيل فلا أعرف لماذا يذكرني برئيس حكومة "الإخوان" هشام قنديل ربما لأنهما في الفشل سواء!! شريف إسماعيل اختيار خاطئ يتحمله السيسي، لأنه تسبب في انهيار اقتصادي، ولم يتحرك إلا عندما استدعاه الرئيس السيسي بمعية الوزراء لبحث الأزمة، فألقى تصريحا يدينه قال فيه "إن الحكومة لديها حلول لأزمة الدولار لكن الحل الأقوى في يد المواطن الذي عليه الرقابة بنفسه"!

بالذمة هذا منطق يعقل.. إذا المواطن عليه الرقابة فماذا تفعل الحكومة والوزراء والأجهزة الرقابية ومئات آلاف الموظفين؟!!، وإذا كان شريف إسماعيل لديه حلول لأزمة الدولار فلماذا لم يطبقها بشكل مبكر، ولماذا ترك الدولار يلتهم الجنيه المصري حتى فقد 40% من قيمته خلال توليه رئاسة الحكومة!! 

شريف إسماعيل نفى صحة وجود تعديل وزاري.. باعتبار أنه ناجح وحكومته تحقق إنجازات، ونسأله ماذا فعلت حتى دخلنا مرحلة الفقر المائي مع بدء تخزين المياه في السد الإثيوبي ما يسبب نقص مياه السد العالي ويُهدد بقطع الكهرباء نتيجة توقف التوربينات؟!..

وماذا فعل وزراء السياحة والاستثمار والمالية والمجموعة الاقتصادية منذ توزيرهم؟! ونرد عنه بأنه مع الانهيار الكبير تفتق ذهن الحكومة عن تأجير أفخم القصور والمناطق الأثرية لإقامة حفلات الزفاف والمناسبات الاجتماعية بدءًا من أول نوفمبر 2016، ووضع تسعيرة لذلك. لكن لم يتحدث أحد عن كيفية الحفاظ على المقتنيات والتحف باهظة الثمن الموجودة في القصور؟!

وسط حالة العبث تصدر هاشتاج «الجنسية المصرية مش للبيع»، قائمة «التريندات» على «تويتر»، لرفض مشروع قانون قدمته الحكومة لمجلس النواب يتيح للدولة بيع الجنسية المصرية لأي أجنبي مقابل مبلغ مالي أو وديعة بالدولار!! وسواء كان الاقتراح حكومي أو برلماني فهو يجر مصر إلى أزمات ومشكلات لا حصر لها لأن "المواطنة والانتماء" لا تباع ولا تشترى.. ويفترض سحب الجنسية المصرية من صاحب الاقتراح الخبيث!.

يسعى شريف إسماعيل لطمأنة الشعب كذبا فيقول "إن أي إجراء اقتصادي تتخذه الحكومة يتبعه إجراء لحماية الطبقة محدودة الدخل".. ونسأله أين حماية محدودي الدخل من الارتفاع الفاحش للأسعار، وأين رقابة حكومتك وماذا فعلت لمواجهة جشع التجار والباعة حين تضاعف سعر كل شيء في مصر وبقيت الرواتب كما هي؟!.

إن فشلك وعجز حكومتك جعلك تلجأ إلى مواجهة الانهيار الاقتصادي بفرض ضرائب جديدة والاقتراض من "صندوق النقد" بشروط معروفة سلفا، منها تعويم الجنيه وبيع أصول الدولة ورفع الدعم تدريجيا وهي إجراءات يكتوي بنارها الجيل الحالي والأجيال القادمة..

 لكن وسط كل هذا الانهيار يتقدم النائب محمد بدراوي، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الحركة الوطنية المصرية، الذي يرأسه الفريق أحمد شفيق، باستجواب عاجل لسحب الثقة من رئيس الوزراء شريف إسماعيل نظرًا لخطورة الموقف الاقتصادي.. فهذه حكومة لا تستحق الانتظار أكثر من هذا.
الجريدة الرسمية