أبويا.. «قصة قصيرة»
رغم أنه متعلم، ويحمل مؤهلا عاليا، عمل به طوال٢٥ عاما بإحدي الادارات التعليمية إلا أنه يبدو أن أبي لم يدخل الحياة بعد، فقد تفتحت عيناه في هذه الحياة على يد جدي (رحمه الله) والذي أنجب ٧ بنات وولد واحد خرج به من هذه الحياة، لذلك دوما أبى الابن المدلل لعائلته حسبما كانوا يرون، فقد كان الملك المتوج على ٧ رعايا من الإناث يأمر فيطاع وتستجاب رغباته مهما كانت، هكذا عاش والدي مرفها لم يدخل الحياة ويختبر مواقفها، فقد كانت كل طلباته أوامر حتى إنه لم يكن يخرج خارج المنزل خوفا من الشمس عليه.
هكذا كانت حياته نعيم بلا شقاء وطلبات تنفذ دون تعب حتى إنه لم يكن يتعامل مع الناس إلا قليلا، وهو ما أفقده خبرة التعامل مع البشر الأمر الذي أتعبني ولا يزال.
سارت الحياة بوالدي حتى تخرج في الجامعة وأصر والده (جدي) رحمه الله على تزويجه، واختار له إحدي السيدات الفضليات التي لم تكن تختلف كثيرا عنه، فهي لم تبرح منزل والديها سوي بعد أن تزوجت والدي، بعد الزواج مباشرة ولأنهم كما يقولون«الأقدام أعتاب» التحق والدي بالوظيفة الميري ولأنه كان طيب السريرة حسن المعشر لم تحدث معه أو منه أي مشكلة إلا مع سواي أنا ابنته التي أنجبها وليته ما فعل!
تزوج أبي بأمي وكانت الحياة تسير بما يحصل عليه من راتبه، وإيجار الأرض الزراعية التي ورثها عن جدي (رحمه الله) وخلال هذا الزواج أنجب أبي ٣ أبناء (ذكور) وأنا.
كنت الوحيدة الخادمة لهم جميعا بعد والدتي نعم جلست أخدمهم سنوات كثيرة من عمري لا أدري لها عددا حيث لم أنل من التعليم سوي الشهادة الإعدادية التي بالكاد أستطيع بها الآن القراءة والكتابة، وعندما شكوت ذلك لوالدي وكبرت سني ارتضي لي والدي أول عريس يطرق بابه، وليته ما فعل فهو حتى لم يسأل عنه!
عندما جاء العريس إلى منزلنا كنت فرحة ومبسوطة، ولكن بعد قراءة الفاتحة بدأ قلبي ينقبض رويدا رويدا وبدأت أري أشياء غريبة في منامي تحذرني من هذا الزواج، كنت أخبر بها والدتي لكنها لم تنتبه لي ولم تعر الأمر اهتماما! فجأة وجدتني في بيت الزوجية مع رجل لا أعرفه ولا أعرف عنه شيئا، وماهي سوي سويعات حتى اكتشفت أنني أمام وحش كاسر يريد الانقضاض على، ووجدتني أفر أمامه كما تفر وحوش الغابة أمام الأسد وهذه كانت البداية.
لم يستطع هذا الرجل احتوائي واحتضاني؛ فبدأت أنفر منه، وكلما حاول الاقتراب مني شعرت بالنفور، ولم يكن يستطيع الصبر قليلا، بل كان يضربني بكل ما أوتي من قوة حتى إنني ذهبت إلى بيت والدي، وطلبت الطلاق وتنازلت له عن حقوقي مقابل ذلك.
رجعت مرة أخرى إلى بيت والدي حيث بدأ إخوتي الذكور يتزوجون، وبدأ البيت يخلو رويدا رويدا إلا من سواي، وكان كلما يتزوج أحدهم أشعر بالغيرة، وودت كثيرا أن يأتيني ابن الحلال مرة أخرى وأجرب نصيبي، وبالفعل مضت أيام كثيرة حتى جاء النصيب مرة أخرى وتمنيت ساعتها أن يتم الله هذه المرة على خير لكن هيهات!
كان زوجي الثاني أكثر سوءا من الأول فقد اكتشفت بعد الزواج أنه سيئ المزاج وعصبي وأنه يعاقر الخمر ليل نهار، وأنه يرافق الكثير من السيدات وحاولت كثيرا إصلاح حاله إلا أنني لم أفلح في ذلك ورجعت مرة أخرى أطلب الطلاق للمرة الثانية، وبالفعل حصلت عليه، وعدت إلى بيت أبي الذي طال به العمر وأصابته أمراض الشخوخة وخلا البيت من والدتي التي توفاها الله إلى جواره، ووجدتني أتحمل كل هذا وأكثر بالإضافة إلى أعباء أشقائي وزوجاتهم وأبنائهم إذ أنهم كثيرا ما كانوا يحضرون إلى البيت، وكنت دائما أقوم بخدمتهم حتى جاء اليوم الذي تقابلت مع الرجل الذي أحسست بتجاوب معه إذ كان أحد زملاء أحد إخوتي وبالفعل تقدم لخطبيتي ووافق أهلي على الفور إلا أنني اكتشفت بعد الزواج أنه يريدني أن أعمل معه في تجارة محرمة فاعترضت على ذلك فما كان منه إلا أن قام بضربي وسبي وإهانتي وإرجاعي إلى بيت أهلي وحينها غضبت كثيرا وطلبت الطلاق لكنه ساومني على حقوقي فقررت التخلص منه إلا أنني لم أستطع تأخيرا فطلبت الطلاق وها أنا في انتظاره!