رئيس التحرير
عصام كامل

الحكومة غائبة.. والضحايا الفقراء والطبقة الوسطى!


من خلال قراءة حقيقية لخريطة المشهد الاقتصادي يتبادر إلى كل الأذهان سؤال: أي نظام اقتصادي تطبقه مصر الآن.. وهنا لا نعثر على إجابة واضحة قاطعة؛ فثمة خليط مشوش متنافر من قطبي المذاهب الاقتصادية.. فلا نحن التزمنا برأسمالية اجتماعية رشيدة تحمي الفقراء، وتطلق حرية التملك والربح استنادًا إلى قواعد شفافة منضبطة وعادلة للسوق، ولا نحن أقمنا اشتراكية خالصة تضع مقاليد السوق والاقتصاد في يد الدولة.. والنتيجة عشوائية مفرطة في الأسواق وجشع واحتكار من التجار والمنتجين والمستوردين..


والضحايا في النهاية هم الفقراء والطبقة الوسطى التي انداح أكثرها تحت خط الفقر وتآكلت بصورة تنذر بالخطر؛ إذ يصارع ما بقي منها موجات الغلاء لكنه إن ظل الحال هكذا سيهوي في النهاية إلى قاع المجتمع بفضل الزيادة الهائلة في الأسعار التي لا تكفيها أي زيادة مقابلة في الأجور، ناهيك عن ضعف القدرة الشرائية للجنيه أمام العملات الأخرى، وتسارع وتيرة الغلاء بلا سقف محدد لهامش الربح الذي تُرك لتقدير أصحاب رءوس الأموال بلا رقابة من الدولة، وتراجع في الإنتاج بعد غلق آلاف المصانع منذ الثورة وحتى اليوم، وتراجع التصدير والسياحة وعوائدهما من العملة الصعبة.. كل ذلك يشعر به المواطن، ويراه رأي العين..

بينما تغيب الحكومة، ولا نجد لها أثرًا في ضبط الأسعار حتى أن تدخلها يكاد يقفز في الاتجاه المعاكس، حيث تتسبب إجراءاتها العشوائية في مزيد من رفع الأسعار وحرق جيوب الفقراء.. ولا أدري ما حجة الحكومة في فرض مزيد من الضرائب في مثل هذه الظروف السيئة، وآخرها ضريبة القيمة المضافة التي تعرف الحكومة أكثر منا أنها ستلهب الأسعار أكثر فأكثر، وأكثر الضرر واقع بالفقراء الذين باتوا يئنون من شدة الأعباء.. وإذا كانت حجة الحكومة أن "القيمة المضافة" سوف تجلب 30 مليار جنيه للموازنة فيمكن للحكومة بجرة قلم توفير مثل هذا المبلغ بترشيد الإنفاق وغلق حنفية الفساد.
الجريدة الرسمية