الدين الزائف
أصحاب الدين الزائف "وثنوا" الله في ضمائرهم، جعلوه-كما في بعض الأحاديث-شابًا أبيض جعدًا يجلس على عرش يحمله عدد من الملائكة، ثم وثنوا الله في أدعيتهم فجعلوه "صاحب شرطة" أو "مقدم درك" له بعض الجنود الغلاظ، وهو فوق ذلك يعمل عندهم، فهم الولاة أو السلاطين، أليسوا هم أهل التقوى وأصحاب الفضيلة، وقد أعد صاحب الشرطة لهم الجنة لتكون مراحهم ومغداهم! ثم أنهم طلبوا منه أن يُلقي خصومهم في النار، ولا يخرجهم منها أبدا!
هذا هو الله الذي ظنوا أنه يعمل لديهم، لذلك قال أحد شيوخهم "اللهم عليك بالجيش الخائن، والشرطة الخائنة، والشيوخ الخونة، والعلمانيين الكفرة، والصليبيين المشركين" ثم يتذكر الشيخ أنه دعا هذا الدعاء من قبل وأن قائد الجند لم يقم بالواجب المنوط به، فأراد الشيخ أن يستثير حمية الله قائد جنده فقال له: "إنهم يارب لا يعجزونك"!
وقد أصبح اليقين كاملا عند أصحاب الدين الزائف بأنهم أصحاب الحق، وغيرهم هم أهل الباطل، ولكنهم في ذات الوقت لم يروا الله ينتصر لهم، بل إنهم نالوا الهزائم الواحدة تلو الأخرى، لا ضير فإنهم سيقولون لرعيتهم إن قائد الجند "الله" لم يستجب لكم لأن فيكم عشرات العيوب، أتريدون أن ينتصر لكم وأنتم لا تخلصون له في الدعاء؟! ولكن اطمئنوا فسوف ينتصر لكم في الآخرة وسيُدخل أعداءكم النار وبئس المصير، أما أنتم ففي الجنة سوف تُسعدون، فإذا بكل واحد من أتباع هذا الدين المزيف يتلاسن مع خصومه بالنار، أليس قائد جنده أعدها لهم!
ولتعرف الفارق بيننا وبينهم انظر للرسول صلى الله عليه وسلم عندما كُسرت رباعيته يوم أحد ودمي وجهه، فقال: "كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم وهو يدعوهم إلى ربهم؟" فأنزل الله تعالى (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) ليس لك من الأمر شيء يا محمد، مهمتك فقط أن تدعوهم للإيمان، أما ما فعلوه بك فأمره لله فقط، وتأمل قول الله للرسول صلى الله عليه وسلم إنه قد يتوب عليهم! يتوب على من؟! على الكفار الذين حاربوه وكسروا رباعيته، وعندما ذكر الله تعالى توبته عليهم أسند الفعل إليه هو وحده، ولم يذكر سببًا موجبًا لتلك التوبة، ولما قال سبحانه "أو يعذبهم" ذكر أن سبب العذاب هو ظلمهم، ليدل ذلك على كمال عدل الله وحكمته، حيث وضع العقوبة موضعها، ومع هذا كله فإن العبد المظلوم لا شأن له بالقصة كلها فهي مع الله، ألم يقل للنبي صلى الله عليه وسلم "ليس لك من الأمر شيء" هذا هو ديننا، وهذا هو دينهم وبينهما بُعد السماوات والأرض.