عامر و«نكسة» الدولار !
نكرر ما قلناه أمس الأول.. عن الوعي بالفخ المستهدف تجهيزه من صناعة الأزمات وهو استثمارها سياسيًا، فأي أزمات دون استثمار سياسي لا معنى لها ولا يمكن استثمار أزمة الدولار على هذا النحو إلا بتحويلها إلى غضب ضد النظام وضد السيسي شخصيًا، ولذلك لن نقع في ذلك ونستطيع ونحن ننظر إلى أزمة الدولار إلى رؤية جوانب أخرى إيجابيه في الاقتصاد المصري مكنته من تسديد آخر ديون قطر وقسط مهم لديون نادي باريس، فضلا عن استمرار كل المشروعات الجاري تنفيذها حاليًا دون توقف واحد منها بما يشكل حجمًا كبيرًا للأعمال في البلاد، فضلا عن قدرة الدولة من توفير التزاماتها من مخصصات التموين كما هو دون تأثره..
وغيرها من المظاهر الأخرى لقوة الاقتصاد، ولكن كل ذلك لا يمنع الاعتراف أخيرًا بعدم قدرة السيد طارق عامر، رئيس البنك المركزي، على التعامل مع الأزمة خصوصًا، وهذا منطقي، فالأزمة تطغي على كل شيء ويتم استغلالها على النحو الأسوأ فتنعكس على الناس من اللحوم المستوردة التي سيتم ضرب فكرتها -من توفير اللحوم للغلابة- في مقتل إلى الأدوية والأجهزة الكهربائية إلى سلع غذائية يهيمن عليها القطاع الخاص إلى سلع وسيطة في صناعات عديدة، وكلها تستورد من الخارج ولا يتبقى الآن إلا الاستثمار السياسي للأزمة، ورغم أن ذلك أمامه لكي يحدث تصعيدات عديدة لم تبدأ واحدة منها، فضلا عن استمرار امتلاك السيسي أغلبية كبيرة جدًا وثقة هذه الأغلبية في قدرته على تجاوز الأزمة..
ولكن أولى خطوات تجاوزها يبدأ باستبعاد الرجل المسئول عنها خصوصًا أن تخبطًا شديدًا يبدو في تعامله مع الأزمة لا نعرف تفسيرًا له من تصريحات وتصريحات معاكسة مرة عن تخفيض الجنيه أو العكس ومرة عن رفع الفائدة أو العكس، وفي الأخير يدفع المصريون واقتصاد بلدهم ورئيس بلادهم الثمن، كما أن الحل الذي يبدو في الأفق من إنجاز قرض صندوق النقد الدولي، ورغم أننا لا نعرف شروطه فإنه إنجاز للحكومة وإنقاذ من السماء لأزمة الدولار لكنها في كل الأحوال لا تعبر عن قدرة لطارق عامر على التعامل معها !
وفضلا عن الإجراءات الحاسمة التي تكلمنا عنها أمس الأول ضد كل المخربين للاقتصاد الوطني لكن تبدو أيضًا إقالة طارق عامر جزءًا من الحل.. أو فليستقل بنفسه ويعفي الرئيس من الحرج ويعفينا جميعًا من كل هذا الجدل وكل هذا القلق الذي يجري وليس ضروريًا أن يكمل بنفسه مفاوضات صندوق النقد، فنوابه قادرون على ذلك، كما أن الأزمة يعرفها كل المرشحين المحتملين وغير المحتملين للمنصب!
إقرار مبدأ الثواب والعقاب أو فضيلة تحمل مسئولية الأخطاء سيكونان أهم مكسبين من إقالة أو استقالة عامر!