رئيس التحرير
عصام كامل

القيمة المضافة.. خطوة على طريق ثورة الجياع!


لقد كانت أهم تداعيات ثورة 25 يناير هي سياسات حكومات مبارك المتتالية التي أفقرت الغالبية العظمى من المصريين، وأثقلت كاهلهم بأعباء ضريبية تفوق قدراتهم، وقد تنوعت وتعددت هذه الضرائب بشكل أذهل المصريين، فكل يوم تقوم حكومات مبارك باختراع ضريبة جديدة لسلب أموال الفقراء، مما جعل بعض الاقتصاديين يصفون الحكومة المصرية بحكومة الجباية باعتبارها الوظيفة الأساسية التي تقوم بها الحكومة وتجيدها، وللأسف الشديد كان الفقراء والكادحون هم من يدفعون هذه الضرائب في الوقت الذي لا يدفع فيه الأثرياء أي ضريبة بل يتفننون في التهرب من الأعباء الضريبية، وعندما كنا ننادى بضريبة تصاعدية كانت الحكومات تتعامى عن هذه المطالبات العادلة.


وعشية قيام ثورة 25 يناير كانت نسبة الفقر في مصر قد وصلت إلى 41 % يعيشون تحت خط الفقر وفقا لتقرير التنمية البشرية الصادر عن البرنامج الانمائي للأمم المتحدة، في حين كانت تشير تقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن النسبة لم تتعد 25 %، وسواء أخذنا بالتقارير الدولية أو المحلية، فإن أوضاع المصريين كانت تنذر بقنبلة على وشك الانفجار، ولم تحاول الحكومة ومعها النظام السياسي برمته احتواء الموقف خاصة مع تصاعد الاحتجاجات الفئوية التي سجلت أرقام غير مسبوقة في التاريخ خلال السنوات الثلاث الأخيرة من 2008 حتى مطلع 2011، وبالفعل كان البركان الذي اقتلع معه الحكومة والنظام السياسي بأكمله، فعندما اندلعت شرارة الثورة كان الفقراء والكادحون والمهمشون هم الوقود الحقيقي لها، وكانوا هم الطوفان الهادر الذي اقتلع الفساد الراسخ من جذوره، وكانت مطالب الغالبية العظمى من المصريين محددة في العيش الكريم والعدالة الاجتماعية.

وانتظر المصريون أن تتحسن أحوالهم المعيشية خلال مرحلة حكم المجلس العسكري لكن ما حدث هو زيادة الأعباء وارتفاع الأسعار وتدهور أكثر في أحوالهم المعيشية بحجة عدم الاستقرار وأننا نمر بمرحلة انتقالية، وانتهت هذه الفترة وتحملها الفقراء والكادحون والمهمشون بصبر، وجاءت جماعة الإخوان لسدة الحكم وتفاءل المصريون بأنهم جماعة ترفع شعارات دينية وأنهم سوف يراعون الله في الفقراء، لكن ما حدث هو العكس، حيث ارتفعت معاناة الفقراء أكثر فأكثر مما جعلهم يخرجون عليهم ثائرين بعد أقل من عام، وتمت الإطاحة بهم..

وظلت نفس مطالب الفقراء كما هي العيش الكريم والعدالة الاجتماعية، ووعدتهم الحكومة الجديدة بتحقيق مطالبهم بشكل تدريجى تحت نفس الحجة عدم الاستقرار والمرحلة الانتقالية وصبر الشعب صبر أيوب، ومرت المرحلة الانتقالية مع مزيد من الأعباء وارتفاع الأسعار وتدهور الأحوال المعيشية وارتفاع نسبة الفقر لتصل إلى 45% يعيشون تحت خط الفقر و25% يعيشون في حزام الفقر وفقا للتقارير الدولية، وتم إعداد الدستور وانتخاب الرئيس والبرلمان وانتهت خارطة المستقبل المزعومة مع وعود لا تنتهى من الحكومة والقيادة السياسية بتحسن الأوضاع المعيشية لكن كل هذا لا يحدث.

بل إننا كل يوم ننام لنفيق على كابوس جديد، وكارثة جديدة بفعل السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة والتي تعتمد بشكل أساسي على القروض والمنح المشروطة، فالنظام ما زال يسير وفقًا للسياسات الرأسمالية التابعة التي كان ينتهجها مبارك والتي تعتمد على مجموعة من السماسرة يديرون الاقتصاد الوطنى لصالح المشروع الرأسمالى الغربي، هؤلاء السماسرة يقومون بسرقة ونهب ثروات الشعب المصرى تحت مظلة قانونية داعمة وحامية لهم ولفسادهم، ولا يستطيع أحد الاقتراب منهم أو محاسباتهم، بل يتم التخلص فورًا من كل من يحاول الاقتراب أو كشف الفساد، ولعل متابعة حركة سعر الدولار مقابل الجنيه المصرى منذ ثورة 25 يناير حتى الآن، يمكن أن يكشف لنا إلى أين تسير مصر ؟ وما هو مصيرها المحتوم ؟

وبالطبع ما هو مصير الفقراء والكادحين والمهمشين ؟ ففى عشية اندلاع الثورة في يناير 2011 كان سعر الدولار 5.8 جنيهات، ارتفع في 2012 ليصل إلى 6.35 جنيهات، ثم واصل الصعود في 2013 ليصل إلى 6.5 جنيهات مع رحيل الإخوان المسلمين، وخلال الثلاث سنوات الماضية واصل رحلته بشكل صاروخى ليتجاوز اليوم 12.25 جنيها، ولا ندرى إلى أين هو ذاهب لكنها رحلة تعبر عن أننا نسير نحو الهاوية، وأن الإفلاس هو مصيرنا، وأن الفقراء والكادحين والمهمشين سوف تزداد معاناتهم.

وبالطبع في ظل هذه الظروف الاقتصادية المتردية لم تجد الحكومة العاجزة حلول غير الحل القديم الجديد لمواجهة العجز المستمر في الميزانية العامة وهو فرض ضرائب جديدة، فسمعنا عن ضريبة القيمة المضافة والتي سيتبعها بالضرورة ارتفاع في أسعار السلع والخدمات الأساسية، وهذا الارتفاع تستطيع الشرائح والفئات والطبقات الاجتماعية العليا المحظوظة مواجهاتها، بينما تعجز الغالبية العظمى من المصريين من الفقراء والكادحين والمهمشين تجنب تبعاتها، وهو ما يجعلنا نطلق صرختنا لعل الرئيس السيسي يسمعها..

سيادة الرئيس:
القيمة المضافة هي خطوة واسعة على طريق ثورة الجياع.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية