رئيس التحرير
عصام كامل

"صوابع" نخجل منها


تمنيت أن يخيب الرئيس الظنون ويعمل بقدر ما يتحدث، غير أنه يلوذ بالصمت أمام الكوارث التى تشهدها مصر منذ اعتلى سدة الحكم، ويسهب فى إلقاء خطب بلا معنى ويمثل كل منها فضيحة، والحقيقة أننى ومثلى ملايين المصريين، كنا نعتقد أننا تخلصنا من الاستبداد السياسي، لنجد أننا وقعنا فريسة استبداد تجار الدين.


فى الأيام الأولى للحكم شعرنا بعدم رضا عن الأداء، وبعد أسابيع بتنا نكره حكم الإخوان ونخجل من الحاكم كرمز وواجهة، فمصر تستحق أفضل بكثير، وليس أدل على ذلك من المهانة التى شعر بها من تابع القمة العربية فى الدوحة، فرئيس أكبر دولة فى الشرق الأوسط يستقبله ولى العهد وليس أمير قطر.

ويزداد الاستهزاء بالمصريين فى القمة ببث صور الوفد، بدءا بالرئيس ومرورًا بوزير الخارجية ومساعد الرئيس وصولًا إلى رئيس الديوان، مغمضى العينين فى الجلسة خلال إلقاء كلمات الوفود، ولو كان هناك ذرة احترام للوفد المصرى ما طيرت الوكالات صورة ذات دلالة أن الرئيس المصرى ومن معه يغطون فى سبات ولا يدرون شيئًا عما يحيط بهم. لكن لا نلوم الغير بل نلوم أنفسنا، بعد أن بعنا الغالى والنفيس و"رفسنا" النعم، لنشترى الغث والقبيح، ثم نفيق على كوارث لم تشهدها البلاد منذ جلاء الهكسوس.

وقد سبق نشر صور "النوم فى عسل القمة القطرية" حديث "الصوابع" الذى بلغنا معه مرحلة من الخجل والصدمة لا يعلمها إلا الله، فهذه مفردات لايليق أن يستخدمها حاكم أو حتى مسئول صغير فى خطاب متلفز يشاهده العالم، وأمام نساء وشابات يافعات.

لكن أليس فى الرئاسة والعشيرة من ينبهه بأن عبارة من نوعية "اللى هيحط صوابعه داخل مصر هقطعه، أنا شايف صباعين تلاتة بيتمدوا جوه من توافه لا قيمة لهم فى هذا العالم". تحمل الكثير من الدلالات السيئة والمعيبة؟!، ألم يستح بعضهم أو يتأثر من سخرية واستهزاء الإعلام العربى والعالمى ومواقع التواصل الاجتماعى من خطابات ورد فيها: "الـ 5 6 7 3 4 المنتمين للنظام القديم وبيروحوا فى حارة مزنوقة يعملوا حاجات غلط"، وبعدها اتحفنا بـ "جاز آند آلكهول دونت ميكس"، ليكمل الابداع اللغوى بـ "الدرانك بيتقبض عليه لو هو درايفنج". وطبعًا لا يفوتنا فضيحة الأخطاء العلمية والتاريخية فى خطاب باكستان اللى لبس فيه "السلطانية".

إن كانت المفردات "السوقية" تلك تعجب الأهل والعشيرة، فهى تجعلنا نسأل رغم الحياء والخجل، لماذا لم تتحرك "صوابع" الرئيس عندما امتدت يد "حماس" الغادرة تقتل جنود مصر فى رفح، ولماذا يغض الطرف عن عصابة "الغزاوية" وهى تستبيح خير بلدنا، تسرق وتهرب الوقود والأغذية وحتى الأسلحة عبر أنفاق تقوض الأمن القومى لمصر، لماذا لا يقطع دابرهم؟!... ولماذا لا يفرم الرئيس "صوابع" من حاصر مدينة الإنتاج الإعلامى "رمز الديمقراطية وحرية الرأي" واستباح دم الإعلاميين وهدد الضيوف، أم أنه لم يحرك ساكنًا، لأنه من أوعز لهم بالتصرف الميلشياتى فى خطابه التهديدى ضد الإعلام والعاملين فيه؟!

لماذا لم تتحرك "صوابع" الرئيس إلا عندما طالت المظاهرات والاحتجاجات مقر "الجماعة المنحلة"... أين كانت "صوابع" التهديد والوعيد عند قتل وسحل وتجريد المصريين من ملابسهم، ثم متى تتحرك "صوابع" الرئيس لإقالة حكومة عاجزة كسيحة أتت بالخراب والانهيار لمصر، مثلما تحركت "صوابعه" لتوقيع وأصدار أكثر من 400 قرار سري، وهذه الأخيرة تحديدًا تجعلنا فى ظل غياب الثقة والشفافية نشك فى أنه يمكن أن يبيع البلد، وحتى لا تلعب بنا الظنون وتزيد الفوضى فى بلد تحكمه شريعة الغاب ولا مكان فيه للقانون، نأمل أن تتحرك "صوابع" أى جهة وطنية شريفة لتعيد إلى مصر الأمن والأمان والاستقرار وتقيها الانجراف إلى حرب أهلية لا تبقى ولا تذر.

الجريدة الرسمية