نقيب الأطباء السابق الدكتور خيرى عبد الدايم: عدد المستفيدين من المستشفيات الخيرية «محدود جدًا» والإعلانات تستنزف التبرعات
مستشفيات الحكومة ماتت إكلينيكيا والرعاية والعلاج لايقدمان إلا للأغنياء فقط.. هكذا يرى الدكتور خيرى عبدالدايم نقيب الأطباء السابق مشيرا إلى أن معظم أموال التبرعات لبناء مستشفيات جديدة يتم إنفاقها على الحملات الإعلانية، والأطباء ولا يستفيد منها المرضى.
عبدالدايم يرى أن كثرة إعلانات التبرع للإنفاق على القطاع الصحى دليل على فشل الدولة في تقديم خدمة آدمية للمواطن الذي كفل له الدستور الحق في الرعاية الصحية، ويؤكد غياب الرقابة على المنظومة الصحية في مصر.. وإلى نص الحوار...
> ما تقييمك لوضع المستشفيات القائمة على التبرعات في المنظومة الصحية؟
- فكرة التبرعات للإنفاق على القطاع الصحى سيئة؛ لأنها غير مضمونة، ولا يمكن الاعتماد عليها، فهى ليست ثابتة لوضع خطط تطوير على أساسها.
> في الفترة الأخيرة، كثرت المستشفيات القائمة على فكرة التبرع، فما الأسباب من وجهة نظرك؟
- قصور الدولة في تقديم العلاج للمواطنين أحد الأسباب الرئيسية، فالدولة فشلت في الإنفاق على القطاع الصحي، وتوفير الخدمة الطبية لكل المصريين، ولك أن تتخيل أن 70% من الإنفاق على الصحة من جيوب المواطنين، والباقى من ميزانية الدولة.
> هل توجد رقابة على تلك المستشفيات؟
- لا يوجد رقابة حقيقية على أوجه إنفاق أموال التبرعات التي تجمعها المستشفيات في أغراضها الصحيحة، فضلا عن عدم وجود رقابة على مستوى وجودة الخدمات بها، وأغلب الأموال التي يتم جمعها من التبرعات تنفق على الإعلانات.
> لكن أين دور الدولة؟
- للأسف، الدولة ترفع يدها عن الرقابة على هذه المستشفيات، وتترك الأمور كلها في يد القطاع الأهلي.
> برأيك هل تساهم المستشفيات القائمة على التبرعات في تقديم خدمة صحية جيدة للمرضى؟
- من مميزات المستشفيات القائمة على التبرعات أنها تقدم خدمة جيدة ولكن لعدد قليل من المواطنين، بينما المستشفيات الحكومية، الجامعية أو التابعة لوزارة الصحة يؤمها الآلاف يوميًا، وتقدم خدمة قدر استطاعتها، ولا وجه للمقارنة بين معهد الأورام القومى بجامعة القاهرة الذي يخدم آلاف المرضى، وبين “57357”، فالمستشفى الأخير يقدم خدمة جيدة بمستوى متميز لعدد قليل، لأنه يستقبل أعدادًا محدودة، لكن إذا تحول إلى نسخة من معهد الأورام فلن تكون الخدمة بنفس المستوى التي هي عليها الآن؛ لذلك علينا الحفاظ على مستوى تلك المستشفيات التابعة للقطاع الأهلي في تقديم الخدمة، والعمل على رفع مستوى المستشفيات الحكومية لتضاهى مثيلاتها القائمة على التبرع.
> عودة إلى الصحة.. ما تقييمك للقطاع الصحى الآن؟
- باختصار العلاج والرعاية للأغنياء فقط.. فالمقتدر ماديًا يشترى الخدمة الجيدة في أفضل المستشفيات، والفقير ليس أمامه سوى المستشفيات الحكومية، أو اللجوء إلى المجتمع المدنى الذي يوفر الخدمة بسعر اقتصادي.
> ما الميزانية التي نحتاجها لإصلاح المستشفيات الحكومية، والإنفاق الأمثل على الخدمة الطبية؟
- معظم البنية الأساسية وأجهزة المستشفيات الحكومية متهالكة، ولا يوجد بها أسرة تستوعب الأعداد الهائلة من المرضى، كما لا يوجد بها كوادر بشرية، وفرق طبية متكاملة.. ولكى تعمل هذه المستشفيات بكامل طاقتها، وتقدم خدمة جيدة أقرب من التي تقدمها نظيراتها الخاصة، فنحن بحاجة إلى نحو 90 مليار جنيه سنويًا.
> كيف ترى اقتراح مجلس النواب بضم ميزانية مستشفيات القوات المسلحة والشرطة إلى ميزانية وزارة الصحة، لزيادتها؟
- اقتراح عار على مجلس النواب.
> لماذا؟
- نحن بذلك نضحك على أنفسنا، ونوهم المواطنين بوجود زيادة في الميزانية.
أنا بالفعل منزعج من اقتراح مجلس النواب الذي يطالب بإسقاط إلزام الدولة بتوفير 3% من الدخل القومى للإنفاق على الصحة وفق نص الدستور بدلا من أن يجبر مجلس النواب الدولة على تقديم خدمة أجود وأكثر شمولا..
> ولماذا لا يكون هذا الدمج في صالح المواطن، وتقديم خدمة صحية جيدة للمرضى البسطاء؟
- الخدمة الصحية في الدولة مقسمة ما بين مستشفيات الشرطة والقوات المسلحة، ومستشفيات الوزارات المختلفة منها الكهرباء والأوقاف والطيران وغيرها، وكذلك الجمعيات الخيرية كلها تقدم خدمات متميزة، يجب الحفاظ عليها لأنها ثروة قومية، وتقدم الخدمة لقطاع عريض من الشعب، ولكن على الدولة أن ترفع كفاءة مستشفيات البسطاء، وتحسن مستواها لمحدودى الدخل الذين لا يعرفون سواها.