رئيس التحرير
عصام كامل

حكايات من دفتر بهدلة المرضى في مستشفيات الخير

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

باسم التبرعات تحصل المؤسسات الطبية الخيرية على ملايين الجنيهات، عبر حملات إعلانية مكثفة في شهر رمضان، لكن رغم تلك الملايين فإن معاناة المواطنين تتفاقم في الحصول على سرير أو إجراء عملية طبية لإنقاذ أطفال من الموت.

«ي. ج» روت مشوارها في علاج ابنتها مع مركز القلب بأسوان القائم على التبرع، مؤكدة أنها مثل أغلب المصريين الذين يشاهدون الإعلانات على الفضائيات ويتبرعون لها لإنقاذ حياة الأطفال والمرضى، ويشعرون بالسعادة لظنهم أنهم ساعدوا في عمل الخير، وبعد وقت قصير أصبحت من النسبة النادرة التي حاولت التعامل المباشر مع هذا المستشفى، الذي تبرعت له بصفتها أما لطفلة مريضة لم تلدها بعد، لكن الأطباء أكدوا أنها مصابة بمرض في القلب، ويجب حجز مكان لها في مركز قلب أسوان لإجراء جراحة فور الولادة مباشرة.

وأشارت إلى أنها حاولت التواصل معهم إلا أنها فوجئت برد فعل غير متوقع منهم، بداية من عدم الرد مباشرة على اتصالها، رغم مرور نصف ساعة انتظار على الخط الساخن لكى تسمع معلومات عن طريقة التبرع وأرقام الحسابات في البنوك.

وأوضحت السيدة أنها بعد تواصلها مع أحد من المسئولين عن الرد على الهاتف أسرعت بالإبلاغ عن حالة جنينها، وهى في حالة حرجة تحتاج إلى عملية جراحية، وأكد الأطباء أن تلك العملية لن تُجرى في أي مكان بمصر سوى معهد القلب بأسوان، فكانت الإجابة عليها أنها غير مختصة بذلك، وأعطاها رقم محمول آخر للاتصال به.

وبعد محاولات تجاوزت 60 اتصالا دون رد حاولت أن ترسل إليهم شكوى ولم تستطع، وبحثت على شبكة الإنترنت وجدت مئات الحالات تشكو من نفس المشكلة وعدم قدرتهم على التواصل المركز، وأن من لديه حالة يرسلها عبر البريد وبها أرقام الهاتف وسيتم الاتصال بهم، إلا أنه لا يتم الاتصال بهم.

وتابعت: «اضطر أحد أقاربى للسفر إلى أسوان لكى يتواصل معهم إلا أن الأمر يحتاج واسطة لكى تستطيع أن تدخل التقارير لهم، وبعد أن وصلت إليهم التقارير الطبية للحالة لم يجب عليهم أحد، ثم بعد فترة سافر الأب والأم إلى أسوان، إلا أنهما فوجئا بتعامل مهين مع المواطنين ليس إلا لأنهم يأتون للعلاج بالمجان»، على حد قول الشاكية.

ووصفت والدة الطفلة النظام داخل المستشفى بـ«الروتيني»، موضحة أنها استطاعت مقابلة طبيب داخل المستشفى، والذي أكد بدوره صعوبة الحالة، وأنها بالفعل لن يتم إجراؤها إلا في المستشفى، مؤكدًا لها أنه عند ولادة الطفلة يتم إرسال تقارير طبية حديثة لهم لتحديد موعد فورًا لإجراء العملية؛ لأن الحالة لا يمكن أن تنتظر، ووصفت حينها شعورها بالسعادة والفرحة؛ لأن الطبيب قال لهم سيتم إجراء العملية على الفور.

واستكملت حديثها: «بعد الولادة تم حجز الطفلة في الحضانة، وإرسال التقرير الطبى لهم في انتظار الرد عليهم لتحديد موعد العملية إلا أنهم لم يتلقيا ردًا بعد محاولات كثيرة للاتصال بهم، بعدها تم عرض الطفلة على طبيب في نفس التخصص حذرهما من الاعتماد على مستشفى أسوان، مؤكدًا لهما أن هناك حالات كثيرة شبيهة بحالة ابنتهما توفيت وهى تنتظر رد المستشفى».

سارعت والدة الطفلة بإرسال التقارير الطبية لأكثر من مستشفى في عدة دول خارج مصر، وتلقت ردًا خلال 48 ساعة، وتم عرض التقرير الطبى على أفضل جراحين في العالم، وكانت الإجابة أن المولودة تحتاج تدخلا جراحيا وعملية قلب مفتوح قبل أن تكمل شهرا من عمرها.

وأثناء إنهاء إجراءات السفر، تلقت اتصالا هاتفيا من مركز أسوان بالتأكيد على أن حالة الطفلة غير عاجلة، ويمكنها انتظار 6 أشهر ثم تتواصل معهم، وقالت والدة الطفلة إنها فقدت الثقة في تلك المؤسسة، وإذا كانت انتظرت تلك المدة كان من الممكن أن تتوفى ابنتها.

بالفعل أجرت الطفلة العملية خارج مصر، إلا أن الأم حذرت من أن هناك آلاف الأطفال ينتظرون إجراء العملية دون أن يتم الرد عليهم، وأن ابنتها بعد أن أجرت العملية في عمر 20 يومًا، لا تزال في انتظار إجراء عملية جراحية أخرى بعد 10 أشهر بتكلفة 16 ألف يورو.

مريض آخر من ضحايا قوائم الانتظار حضر إلى التأمين الصحى ليحصل على حقه في علاج طفله المصاب بعيب خلقى في القلب، بعد اكتشافه له بعد الولادة مباشرة، ليتحدث بمرارة عن تجربته مع المركز أيضًا، مؤكدًا أن البداية كانت في مستشفى السلام بدمنهور، والذي أجرى به أشعة على القلب، وتبين إصابة الطفل بعيب خلقى في القلب، ونصحه الطبيب بالذهاب إلى مركز القلب بأسوان وأرسل لهم والد الطفل عبر البريد طلب علاج ابنه، إلا أنه بعد مرور 15 يومًا تم الرد عليه: «نأسف لعدم وجود مكان».

الدكتور صابر غنيم، رئيس الإدارة المركزية للعلاج الحر والتراخيص، قال إن وزارة الصحة مسئولة فقط عن الرقابة على الناحية الطبية في المستشفيات الخيرية والمستشفيات القائمة على التبرعات من خلال شن حملات تفتيش؛ للتأكد من الخدمات الطبية المقدمة بها والتأكد من تطبيق مكافحة العدوى.

«غنيم» أكد أن ما يرتبط بالرقابة على الجزء المالى والتبرعات تكون من خلال وزارة التضامن الاجتماعى وليس وزارة الصحة، التي يقتصر دورها في الرقابة كأية منشأة طبية خاصة تخضع للرقابة، مشيرًا إلى أنه في حالة ورود شكوى من أي مواطن إلى إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة بأن أي مستشفى يعتمد على جمع التبرعات وتعلن أنها تقدم الخدمات مجانًا للمرضى وحصلت على أموال من أي مريض يتم التحقيق مع المستشفى في ذلك، لكن لم ترد لهم أية شكاوى في ذلك الشأن.
الجريدة الرسمية