رئيس التحرير
عصام كامل

عظمة الشعب التركي


نجح الشعب التركي في الانتصار لتجربته الديمقراطية قبل أن يقف في وجه الدبابات من أجل رجب طيب أردوغان وعلى التوازي فشل الإعلام المصري بدرجة امتياز في تعاطيه مع ماحدث بالأراضي التركية أمس، ففي الوقت الذي كان يجب على الجميع التعامل مع الأحداث وفق معايير مهنية فضل البعض أن يمارس الإعلام بمنطق جمهور كرة القدم في مدرجات الدرجة الثالثة.


تعامل بعض الإعلاميين مع الحدث على أنه معركة ضد رجب طيب أردوغان دون النظر بعمق إلى حقيقة الأمر فالمعركة الحقيقية هي بين التداول السلمي للسلطة والتداول المسلح لها، وعلى هذا فإن الجميع بمن فيهم الإعلاميين المصريين إعلان الانتصار حيث فاز الصندوق على البندقية.

تورط زملاء في الإعلان عن مواقفهم المخيبة للآمال فكتب أحدهم شامتا في أردوغان وكتب آخر معلنا انتهاء عصر الإخوان وكتب ثالث حاقدا ورابع محللا، ولم يسلم منهم أحد للأسف الشديد لدرجة أن المتابع لهذا العته يشعر للوهلة الأولى أن إعلاميينا وصحفيينا ضد الحرية ويباركون الديكتاتورية واستخدام السلاح في الوصول إلى إدارة البلاد.

إن نجاح الشعب التركي في تصديه للدبابات هو نجاح للإنسانية الراقية والمتحضرة.. انتصار للغة العقل في مواجهة لغة الهيمنة والجبروت.. إعلاء لقيم السلام في مواجهة قيم العنف، ولعل موقف المعارضة التركية يصب في ذات الاتجاه.. اتجاه التحضر والرقي والانتماء.. كل الأحزاب والقوى السياسية التي يمارس أردوغان تعاليا عليها كان موقفها وطنيا شريفا نزيها يعبر عن عمق التجربة الحزبية التركية.

كل الأحزاب رفضت رفع السلاح في الحياة السياسية حتى لو كان ذلك ضد جبروت أردوغان السياسي ومحاولته إقصاء الآخرين من المشهد.. تحية عطرة لشعب قدم للإنسانية تجربة رائعة وتحية إلى المعارضة التركية وتحية إلى الجيش التركي الذي عبر عن موقفه مما حدث بشرف وأمانة ونزاهة.
الجريدة الرسمية