رئيس التحرير
عصام كامل

زيارة «النتن ياهو».. وصمت السيسي !


قضيتان كلتاهما تلح علي للكتابة فيها، الأهم هي ما نراه من رحلة نيللية وأنها فسحة يقوم بها رئيس الوزراء للكيان الصهيونى، فهو ليس عدوا لهذه الدول، ولا هم يريدون عداوته، ولكن ماذا تعنى رحلة لدول حوض النيل يقوم بها رئيس الكيان الصهيونى عدوى الأول حتى في وجود اتفاقية "كامب ديفيد"؟


أكيد أن الأمر ليس سهلا ولا هينا حتى يمر مرور الكرام، وما قامت به الإدارة الصهيونية ليس غريبا، فالاتصالات والزيارت السرية على قدم وساق منذ عشرات السنين، بل إننى أرى أن الزيارة العلنية أفضل من حدوثها سرا وبالتالى أخطارها أقل، وحتى تكون الصورة أكثر وضوحا وبعودة للتاريخ، سنجد أن هناك زيارة ممثلة إلى حد ما قام بها رئيس الوزراء الصهيونى ليفى آشكول في منتصف الستينيات لعدد من الدول الأفريقية، ويومها كان هذا الموقف زلزالا للسياسة المصرية التي كانت تمد العون للدول الأفريقية في كافة المجالات وساعدتها على التخلص من الاستعمار، مما استدعى تحركا غير مسبوق لمصر، بما فيها جمال عبدالناصر الذي قام بنفسه بزيارة عدد من الدول التي قاطعت الكيان الصهيونى حتى رحيل عبدالناصر1970 لتعيد الكثير من الدول علاقتها مع الكيان الصهيونى حتى حرب أكتوبر 1973 لتقوم أفريقيا بقطع علاقتها مع الكيان الصهيونى مرة أخرى وتؤيد حرب أكتوبر معلنة أنها مع الحق العربى ومع عودة فلسطين لأصحابها.

هذا يعنى أن أفريقيا ليست بعيدة عن فكر وخطط الكيان الصهيونى، وبعيدا عن السياسات المتراجعة لمصر في أفريقيا في عهد الرئيس أنور السادات، وخليفته حسنى مبارك، فإن الكيان الصهيونى لم يتجاهل أفريقيا لحظة، فيكفى مثلا عندما كان العالم ضد العنصرية في جنوب أفريقيا، كانت علاقتهما على أعلى مستوى، نعود إلى أهمية دول حوض النيل لمصر، وكيف تعاملت مصر مع الأخطار التي يمكن أن تواجهها في المستقبل..

عندما كان فيضان النيل ضعيفا، وهدد مصر العطش في نهاية الثمانينيات، كانت هناك دراسات وأبحاث تدرس وتهتم وتضع المشكلات المتوقعة والحلول المقترحة، وهنا سأشير إلى أهم هذه الدراسات وإلى تقرير فنى..

أولا الدراسة تمت في عام 1987، وتحت إشراف المخابرات العسكرية، وكان يتولى رئاستها اللواء أحمد عبدالرحمن، تضمنت الدراسة، كل الاحتمالات التي يمكن أن تحدث، أولا إثيوبيا لا تستطيع بناء أي سد على النيل منفردة، ثانيا: هناك تحركات أمريكية مع الكيان الصهيونى -إسرائيل- لدفع إثيوبيا لبناء عدد من السدود..

 ثالثا: تمويل السدود سيتولى رعايته الأمريكان والكيان الصهيونى من خلف الستار.. رابعا سيتم دعم  إثيوبيا ودول حوض النيل بكل ما يلزمها من تطوير الزراعة والصناعة والكهرباء والطاقة وكافة المجالات التي تحتاجها دول حوض النيل من أمريكا والكيان الصهيونى..! 

بل إن الدراسة حددت المواقع التي يمكن بناء السدود عليها والأفضل فنيا واقتصاديا، وكان يلاحظ هنا أن دولة جنوب السودان لم تكن موجودة، وكانت هناك حرب في جنوب السودان من أجل الانفصال، وهذا يجعلنا نشير إلى التقرير الفنى الذي تقدم إلى الحكومة بمجرد استقلال جنوب السودان، فقد أجمع كل خبراء الرى والمياه أن دولة جنوب السودان هي أهم دول حوض النيل لمصر..!

والتاريخ القريب أن 25 يناير 2011 كانت نقطة الانطلاق لبناء سد النهضة، استغلت انشغال مصر بنفسها وقامت بالبدء، وما حدث من المعزول باللقاء الفضيحة كانت كلها كوارث، وحتى الآن لم نشعر بالاطمئنان تجاه سد النهضة، بالرغم من الزيارة التاريخية للرئيس السيسي لإثيوبيا، والحقيقة أن تغيير وزير الرى كان مؤشرا أنه لم يوفق في مشكلة سد النهضة، ولكن السيد الوزير الجديد لا نعرف ماذا يفعل ؟

لم نسمع منه تصريحا واحدا منذ جاء للوزارة، الوزير السابق على الأقل كان يذهب ويصرح وكنا نشعر بأنه مهموم بمشكلة السد، ولكن الحالى غير موجود على الإطلاق، وزيارة "النتن ياهو" لدول حوض النيل وتوقيع اتفاقيات والتزمات بين الكيان الصهيونى ودول حوض النيل، وبالتالى أصبحنا أمام أمر لابد أن نسمع فيه إلى رؤية السيسي دون غيره، لأن صمت الخارجية ومجلس الوزراء عادى، أما صمت السيسي فمرفوض.. لأننا نثق فيه نريده أن يتكلم.

القضية الثانية هي العنصرية التي لا تزال تنخر في مفاصل الدولة الأمريكية، بعد قتل السود المقبوض عليهم على يد الشرطة في الشارع أمام المارة، وهجوم السود على الشرطة ومقتل خمسة من أفرادها في مدينة دالاس،التي تم حصارها جوا وبرا ووضعت القناصة أعلى المبانى-الجمعة-هذا يفضح كل ادعاءات راعية الإرهاب الأولى في العالم، بأنها أمريكا بلد الحريات!
الجريدة الرسمية