عبد الغفار شكر: لو تبرع رجال الأعمال المصريون لمنظماتنا الحقوقية ما حدث التمويل الخارجى
- الأوضاع في أقسام الشرطة سيئة وهناك سوء معاملة وتوتر
- التحول الديمقراطى في مصر صعب بسبب حالة عدم الاستقرار
- قانون العدالة الانتقالية يخضع كل مرتكبى الجرائم منذ مبارك حتى الآن للمحاكمة
- الإرهاب سبب تراجع حقوق الإنسان بعد 30 يونيو
- بعض ضباط الداخلية يعتبرون إعادة الهيكلة تجاوزا بحق جهاز الشرطة
- لهذه الأسباب رفضنا رقابة المركزى للمحاسبات
- المجالس القومية بالعالم مستقلة حتى لا تكون تابعة للحكومة
- الإخوان أخذوا فرصتهم كاملة في المحاكمات
- لا يوجد حماس لإقرار قانون العدالة الانتقالية
- المجلس القومى الحالى قام بدوره في ظل الظروف القائمة بالبلاد
- مصر لم تشهد عنفا وتوترا مثل هذه الفترة
- أوضاع مصر حاليا لم تمكننا من تحقيق إنجازات كبرى
- هناك هجمات متكررة على منظمات المجتمع المدنى والحكومة تريد الساحة خالية
إنه عبد الغفار شكر الذي بدأ حياته السياسية مبكرا، حيث التحق بهيئة التحرير في عام 1953 ثم بالاتحاد القومي عام 1958 ثم الاتحاد الاشتراكي عام 1963 وفي العام 1964 أصبح أمينا للتثقيف في تنظيم الشباب الاشتراكي الذي كان يعتبر أحد الأجهزة المعلنة للاتحاد الاشتراكي وانتمى للتنظيم الطليعي الذي أسسه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وتركزت اهتماماته البحثية على قضايا التطور الديمقراطى والمجتمع المدني بالوطن العربي، قضايا وخبرات العمل الحزبى والسياسي، قضايا التعاون والتنمية الاجتماعية، وتأثيرها على الوطن العربي، أصابته وعكة صحية الفترة الأخيرة لكنه لايزال متواجدا على الساحة، أحيانا يكون له وجهة نظر مؤيدة للنظام والوضع القائم، وأحيانا يكون معارضا شرسا، "فيتو" التقته في سياق الحوار التالى..
*بداية.. لماذا رفض المجلس القومى لحقوق الإنسان أن يراقب الجهاز المركزى للمحاسبات ميزانيته في القانون الذي ناقشته لجنة الإصلاح التشريعى؟
المجالس الوطنية لحقوق الإنسان في العالم كله، يحكمها قواعد معينة، وهى أن تكون مستقلة ماليا وفنيا وقانونيا، حتى لا تؤثر الحكومة على قراراتها، نظرا لأن المجلس مؤسسة مستقلة صادرة بقانون يحدد حقوقها، وشروطها وتشكيلها وينص على استقلالية المجلس من الناحية القانونية، والمالية، نحن لا نخترع أمر أن المجلس لا يخضع للجهاز المركزى للمحاسبات، نظرا لأننا لو خضعنا لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، وهو هيئة حكومية، سينسحب الاعتراف بنا من قبل الأمم المتحدة، نظر لأن نظام المجالس في العالم كله يتشكل لمراقبة حالة حقوق الإنسان، بالتالى لابد أن يكون له الاستقلال الكافى، الذي يمكنه من إصدار تقارير، وأحكام محايدة غير خاضعة أو متأثرة بالحكومة.
والشروط التي تنظم استقلالية المجالس الوطنية، من الناحية المالية والقانونية والفنية، غير قابلة للتراجع، وإذا مس هذا الاستقلال، لا تعتبر الأمم المتحدة المجلس قائما.
*هل تراجعت حقوق الإنسان بعد 30 يونيو؟
بالطبع تراجعت، وأكدنا على ذلك بأكثر من وثيقة، حيث أكدنا أن مصر تشهد، لأول مرة التاريخ فترة طويلة من التوتر، وأعمال العنف والحوادث الإرهابية، والدولة مطالبة أن تتصدى لهذا الوضع، الحوادث الإرهابية أدت إلى أن أجهزة الأمن لا تحترم حقوق الإنسان بالكامل.
وأجهزة الأمن بين نارين، تدافع عن الشعب وحقه في الأمان والحياة، وتواجه الإرهاب، وبالتالى الجميع يساندها في مواجهة الإرهاب، لكنها عندما تواجه الإرهاب تواجه أوضاعا أدت إلى تراجع حقوق الإنسان، وتحدثت كثيرا بأن حقوق الإنسان في مصر في محنة، نظرا لكونها بين الإرهاب الذي يمس حق المواطنين في الحياه وبين إهدار حقوق الإنسان، في أمور معينة، مثل توسيع الاشتباه، ووزارة الداخلية عليها ضغوط كبيرة ومطالبة بتوقف العمليات الإرهابية، لذلك يتم التغاطى عن إهدار حقوق الإنسان في بعض الحالات، نظرا للوضع والظروف الحالية، لكن مطلوب من وزارة الداخلية في نفس الوقت التي تكافح فيه الإرهاب أن تحافظ على حقوق الإنسان.
*هل ترى أن الدولة تضيق الخناق على منظمات المجتمع المدنى؟
هناك مشروع جديد لقانون الجمعيات الأهلية تمت مناقشته، مع المجلس ووزارة التضامن الاجتماعى والاتحاد العام للجمعيات الأهلية، وعدد من المنظمات الحقوقية وسيتم عرضه، على مجلس النواب قريبا، وأيضا هناك قانون الجمعيات الأهلية سينظر بمجلس النواب.
*هل هناك مادة بالقانون الجديد تسمح للمجلس بزيارة السجون بالأخطار؟
كان هناك لجنة بالإصلاح التشريعى بالبرلمان، في عهد حكومة المهندس حازم الببلاوى، وما بعده، عرضنا عليها حينها مشروعا، بتعديل قانون المجلس، لكن ممثل النيابة، في اللجنة رفض، وأيضا ممثل الداخلية، وقال الأساس إن المجلس ينسق مع النيابة العامة، ومع وزارة الداخلية، ويعنى ذلك، أن تكون الزيارات بالتصريح، لكن ما كان يريده المجلس، أن تكون الزيارة بالأخطار، أي يقوم المجلس بإبلاغ وزارة الداخلية والنيابة العامة بالموعد فقط.
عندما اعترضت النيابة العامة ووزارة الداخلية على هذا التعديل سحبنا القانون، من لجنة الإصلاح التشريعى، وقدمنا نسخة باسم المجلس حاليا للمستشار العجاتى وزير الشئؤن القانونية، وبه اقتراح المجلس، لكنى لا أتوقع أن تتم الموافقة عليه، نظرا لأن الأوضاع في البرلمان غير مستقرة.
*كيف ترى الأحكام الصادرة بحق قيادات جماعة الإخوان؟
نلاحظ أن القضايا تنظر أمام القضاء الطبيعى، وهى ضمانة لهم، نظر لأن القضاء يستخدم أدواته القانونية، في هذه المحاكمات، لدرجة أن المحاكمات تعدت العام وأكثر، بالتالى توفر لهم حق الدفاع عن النفس، وأيضا يقدمون ما يفيد براءتهم من التهم الموجهة إليهم، وفى نفس التوقيت، يحق لهم استئناف هذه الأحكام مرتين، الإخوان أخذوا فرصة كاملة في المحاكمة.
*كيف تنظر إلى تأخر المجلس في إقرار قانون العدالة الانتقالية وهل تحتاج مصر لمثل هذا القانون؟
كانت مصر تحتاج هذا القانون بشدة بعد ثورة يناير مباشرة، حتى يحاكم على الجرائم التي ارتكبت قبل ذلك، لكن اليوم لكى يصدر القانون، لدينا عهد مبارك، وعهد المجلس العسكري والإخوان، وعهد الرئيس السيسي كل ذلك لابد أن يخضع، للمحاسبة وفقا لقانون العدالة الانتقالية، لذلك لا يوجد حماس لإقراره، نظرا لأنها مشكلة معقدة للغاية، من سنحاكم منذ فترات بعيدة، من الدول التي طبقت العدالة الانتقالية بطريقة جيدة جنوب أفريقيا، عندما خرج مانديلا من السجن قال إنه لابد أن ننظر في أمر الجرائم في إطار عدالة انتقالية.
نحن في حاجة إلى تطبيق قانون العدالة الانتقالية لكن بشرط أن يحاكم كل من ارتكب جرائم في العهود السابقة منذ عهد مبارك حتى الآن.
*هل تعيش مصر حاليا فترة انتقالية؟
رغم أن الفترة الانتقالية مرهونة بالثلاثة استحقاقات، وهو وضع دستور وانتخاب وبرلمان، وانتخاب رئيس جمهورية، لكن كل ذلك حدث، لذلك فإن المرحلة الانتقالية انتهت، وخاصة بعد اكتمال مؤسسات الدولة الدستورية، التي تضع أساسا لوضع الديمقراطية، لكن مرحلة التحول الديمقراطى، لم تتحق ولم تكتمل وبالتالى مازلنا في مرحلة تحول إلى الديمقراطية، وليس مرحلة انتقالية، ولم يكتمل التحول الديمقراطى حتى الآن، نظرا لتناوب حكومات مختلفة بعد الثورة، تعدد النظم والعهود يجعل من الصعب تحقق التحول الديمقراطى.
*ما هي حقيقة وجود خلافات داخل المجلس القومى لحقوق الإنسان؟
المجلس القومى لحقوق الإنسان بتشكيلته الحالية لا يوجد به خلافات، ما يحدث هو تفاوت في الرأى، وهو الوضع الطبيعى في أي كيان جماعى، لكنها ليست خلافات بالمعنى الحقيقى، المجلس يجتمع شهريا، وتعرض عليه الأمور الخاصة بالعمل وتكون هناك آراء متعددة، وفى النهاية يتم التصويت على الرأى الغالب ويكون هو الرأى المعتمد بالمجلس، ويصدر به بيان ويكون رأى المؤسسة.
*هل تدرس أكاديمية الشرطة حقوق الإنسان بمناهجها وهل بدأت الدراسة تؤتى حصادها في تعامل ضباط الشرطة وهل عادت ممارسات الداخلية لما قبل 25 يناير؟
الفترة الحالية حقوق الإنسان في مصر في محنة، إما أن نستعيدها ونحقق احترامها، أو لا يكون لها فرصة، وزارة الداخلية تحاول في نشاط الضباط أن تؤكد التزامها بحقوق الإنسان لكنها في نفس التوقيت تواجه جرائم قتل اعتداء وتخريب، حتى تصل لهؤلاء الأشخاص المخربين بطريقتها لابد أن تعتدى على حقوق الإنسان، منذ أول يوم أكدنا أن وزارة الداخلية تحتاج إلى إعادة هيكلة بعض الضباط اعتبروها تجاوز بحق أجهزة الشرطة.
بماذا ترد على من يقول إن المجلس القومى الحالى لحقوق الإنسان لم يقم بدوره؟
المجلس الحالى قام بدوره في إطار الظروف القائمة بالبلاد، مصر لم تشهد على مدى أعوام بعيدة، مرحلة بها عنف وتوتر مثل هذه الفترة، بالتالى من يناضل من أجل حقوق الإنسان لن يكون له تجاوب نظرا لأن الاهتمام الأكبر لدى الدولة هو تحقيق الاستقرار، الأوضاع الحالية في مصر لم تمكن المجلس أن يحقق إنجازات كبرى، لكن تفاعلنا مع الأوضاع القائمة وأقمنا علاقة مع وزارة الداخلية، لم تكن موجودة قبل ذلك، زار المجلس كمية كبيرة من السجون أرسلنا أسماء المختفين قسريا وردت علينا الوزارة.
*بماذا تصف الأوضاع داخل أقسام الشرطة ولماذا لم يزر القومى لحقوق الإنسان أماكن الاحتجاز بالأقسام حتى الآن؟
طلبنا زيارة أقسام معينة، لكن لم يتم الرد، الأوضاع في أقسام الشرطة سيئة، هناك ازدحام وسوء معاملة، هناك أيضا أمراض وتوتر وممكن أن يكون هناك عنف في التعامل، طلبنا الفترة الأخيرة فقالوا إنهم يجهزون الأقسام.
*هل تتعاون الداخلية مع المجلس؟
بالطبع تعاونت لكن لم تنفذ كل شىء، رئيس المجلس يخاطب الوزير، وفى أكثر من حالة طلبنا زيارة السجون وتمت الزيارات، هناك تعاون بقدر ما.
*لماذا يتهم الكثيرون منظمات المجتمع المدنى بالعمالة للخارج والانتماء لجماعات إرهابية؟
الحكومة تريد أن تكون الساحة خالية لها، منذ منتصف السبعينيات عندما بدأت تتعدد منظمات حقوق الإنسان، وهى تتعرض موسميا لهجوم من الحكومة ومن المؤيدين للحكومة، لكن منذ 76 حتى الآن كل 5 أو6 سنوات تحدث هجمة على منظمات المجتمع المدنى تتهمها بأمور كثيرة وهذا غير صحيح، لو الرأسماليين أدركوا المسئولية الاجتماعية وفتحوا أبواب التبرع، للمنظمات ما حدث التمويل الخارجى.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"