صُناع الفوضى
هلل الكثيرون فرحًا عندمًا سمعوا حكم مجلس الدولة ببطلان اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية والخاصة بجزيرتي «تيران وصنافير»، وقد اندهشت وتساءلت ماعلاقة واختصاص محاكم مجلس الدولة بمثل هذه القضايا، وهى في الأصل قضايا ترسيم حدود بين الدول وتخضع لمحاكم الدولة طبقًا لمواثيق ترسيم الحدود بين الدول ، والتي بموجبها تستطيع الدولة حصر ثرواتها من النفط والغاز الطبيعى أو أي ثروات طبيعية أخرى، وهذا يحدث بعرض الأمر أولًا على مجلس الشعب بعد أن تقدم الحكومة مقتراحاتها.
وأندهشت عندما قرأت وصف المستشارة تهانى الجبالى نائب رئيس المحكمة الدستورية السابق بأن هذا الحكم عنوان الحقيقة وملزم للحكومة.
وبالتالي لا يمكن إحالة الاتفاقية للبرلمان في الوقت الحالي، انتظارًا لموقف الحكومة بالطعن أمام الإدارية العليا مؤكدة أن حكم مجلس النواب ملزم بانتظار الإدارية العليا في حالة طعن الحكومة على الحكم، خاصة أن القضاء الإداري هو الذي يراقب التزام الحكومة بالقانون وبالتالي عليهم احترام أحكام القضاء.
فهل البروتوكول بين الدول يحتم أن يعرض الموضوع برمته على المملكة العربية السعودية ولها الاختيار في تدويل القضية أم ماذا يجب أن يحدث؟
وأيضا أتساءل ماذا لو قامت محكمة مجلس الدولة بالسودان أو نظيراتها بمصر أيا كان مسماها هناك وحكمت بأن حلايب وشلاتين سودانية هل هذا ملزم لمصر؟
وخصوصًا أن الجزيرتين مازالتا تحت السيادة المصرية، وهناك مشاريع تتم وجسر يبنى لربط البلدين بعضهما البعض، ومشاريع تتم هناك في خليج العقبة وبالتالى سيكون هناك قوات عسكرية تحمى المنطقة.
وهل للظروف التي تمر بها المنطقة سيظل الوضع كما هو عليه بأن الحكومة تقر بأن الجزيرتين سعوديتان، وهناك مجلس دولة غير مختص مع احترامى للمستشارة تهانى الجبالى بترسيم الحدود، ولكنه ملزم للدولة وعلى الدولة أن تعترض على الحكم
وهنا سيظهر للعامة أو بمعنى أدق ستدق الطبول والتهليل بأن الحكومة هي من يريد بيع الجزيرتين، وهذا كلام مناف للواقع، ولكن هكذا ستثار الأمور في الشارع المصرى، محاولين إيهام الشعب بأن الدولة متمثلة في الحكومة هي التي تحارب من أجل إثبات أحقية الجزيرتين للمملكة العربية السعودية.
ولإزالة هذا الغبار الإعلامي لابد أن يكون هناك متحدث إعلامي يستطيع أن يخاطب العامة ليوضح لهم الأمور لقطع الطريق علي البعض من الاصطياد في الماء العكر.
وإن كان لى رأى خاص، وأنا غير متخصص في القانون وكيفية ترسيم الحدود، ولكنى من باب خوفى وشعورى العميق بمن يحاولون أن يظهروا للشعب أنهم من يخافون على تراب الوطن، وهم من باعوا أنفسهم قبل أن يبيعوا الوطن فهم لا وطن لهم، لأن أرزاقهم تأتى من الفوضى والحشد، فهم لاعمل لهم إلا صنع الفوضى، لذلك يجب أن يظل وضع الجزيرتين تحت السيادة المصرية، وإرجاء الأمر لحين تدويل القضية إذا أرادت السعودية إثارة القضية دوليا ًبالطبع، وللحفاظ على العلاقة الحميمة بين البلدين، يجب أن تشترك الدولتان وكل يدلي بدلوه أمام المحكمة التي ستكون لها الرأى الملزم النهائى، وهذا مجرد رأى مواطن من الشعب لا أكثر ولا أقل .. وفق الله الجميع.