رئيس التحرير
عصام كامل

الخليل تبكي حزنا في إحياء الذكرى الـ22 لمذبحة الحرم الإبراهيمي.. المجرم الصهيوني جولدشتاين يطلق النار على المصلين فجر صلاة الجمعة برمضان.. والمدينة الفلسطينية اخترقها اليهود بمستوطنة «كريات أربع&

فيتو

وقعت مدينة الخليل ضمن المدن التي احتلها الصهاينة عقب حرب 1976، وكانت هذه المدينة ذات كثافة سكانية عالية، وكل أهلها مسلمين، إلا أن احتلال أبي أن تظل المدينة على حالها فشقها بتأسيس مستوطنة "كريات أربع" التي بنيت في الخليل وسمحت للمستوطنين بأن يعيثوا في المدينة فسادًا.


ومن أبشع ما شهدته مدينة الخليل الفلسطينية هو مذبحة الحرم الإبراهيمي التي يحيي الفلسطينيون ذكراها الـ 22 اليوم الإثنين، والتي نفذها المتطرف باروخ جولدشتاين، أو باروخ جولدستين، وهو طبيب يهودي .

بعد 22 عاما ما زالت مجزرة الحرم الإبراهيمي ماثلة في البلدة القديمة بالخليل، وبقية مدن وقرى فلسطين المحتلة، حيث لا ينسى أهالي الشهداء من الخليل شهدائهم الذين ارتقوا في الخامس عشر من رمضان، حيث تحل الذكرى التاسعة عشرة لمجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف، في 25 فبراير 1994، والتي استشهد فيها وجرح العشرات من المصلين الآمنين.

وفي مثل هذا اليوم الموافق الـ 15 من رمضان أطلق النار منفذ العملية على المصلين المسلمين في المسجد الإبراهيمي أثناء أدائهم الصلاة فجر يوم جمعة في شهر رمضان، وقتل 29 مصليًا وجرح 150 آخرين قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون ويقتلوه.

منفذ المجزرة
منفذ المجزرة، هو من سكان مستوطنة كريات أربع وكان قد تتلمذ في مدارس الإرهاب الصهيوني على يدي متخصصين في الإرهاب من حركة كاخ الإرهابية، وكان جولدشتاين معروفا لدى المصلين المسلمين، حيث كان في كثير من الأوقات يشاهدوه وهو يتبختر أمام المصلين الداخلين والخارجين إلى الحرم الإبراهيمي.

وكان قد أصر على قتل أكبر عدد من المصلين وأعد الخطط لذلك، وكان هدفه الوحيد هو اقتلاع الوجود الفلسطيني من البلدة القديمة في الخليل.

ومثلما أحب الإرهاب أحب قتل الفلسطينيين، ووهب جل اهتمامه لهذا الأمر حتى نفذ مهمته في الخامس والعشرين من شهر فبراير عام 1994، وبهذا استطاع قتل (29) مصليا احتشدوا لصلاة الفجر في ذلك التاريخ وأصاب العشرات بجروح من بين (500) مصل كانوا يتعبدون في الحرم الإبراهيمي في الخامس عشر من شهر رمضان لذلك العام.

وكان جولدشتاين قد تدرب على تنفيذ مهمته داخل معسكرات صهيونية داخل فلسطين المحتلة وخارجها وكان معروفا بحقده الشديد على العرب. وبعد تنفيذه للمجزرة دفن في مكان قريب من مستوطنة كريات أربع ولا يزال يعامله المستوطنون على أنه قديس حيث أحرز تقدمًا بقتل العشرات من الفلسطينيين بصورة شخصية، بالرغم من حصوله على مساندة الجيش والمستوطنين من أحفاد حركة كاخ المتطرفة.

جيش الاحتلال شارك بالعملية
عند تنفيذ المذبحة قام جنود الاحتلال الإسرائيلي الموجودون في الحرم بإغلاق أبواب المسجد لمنع المصلين من الهرب، كما منعوا القادمين من خارج الحرم من الوصول إلى ساحته لإنقاذ الجرحى، وفي وقت لاحق استشهد آخرون برصاص جنود الاحتلال خارج المسجد، وفي أثناء تشييع جثث القتلى مما رفع مجموع الضحايا إلى 50 قتيلا، قتل 29 منهم داخل المسجد.

أراد باروخ جولدشتاين من خلال عمله أن يفشل محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين إثر توقيع اتفاقية أوسلو. وكان يهدف كذلك إلى إثارة الفتنة بين الفلسطينيين مما سيؤدي إلى اشتباكات بينهم وتقويض الاتفاقية. على إثر المجزرة تم فرض حركة منع تجول على المدينة من قبل السلطات الإسرائيلية. تم كذلك حظر حركتي كاخ وكاهان شاي بموجب قوانين مكافحة الإرهاب.

لقد تردَّد أن أكثر من مسلح إسرائيلي شارك في المذبحة؛ إلا أن الرواية التي سادت تذهب إلى انفراد جولدشتاين بإطلاق النار داخل الحرم الإبراهيمي، ومع ذلك فإن تعامل الجنود الصهاينة والمستوطنين المسلحين مع ردود الفعل التلقائية الفورية إزاء المذبحة التي تمثلت في المظاهرات الفلسطينية اتسمت باستخدام الرصاص الحي بشكل مكثَّف، وفي غضون أقل من 24 ساعة على المذبحة سقط 53 شهيدًا فلسطينيًّا أيضًا في مناطق متفرقة ومنها الخليل نفسها.

لاقت مذبحة الحرم الإبراهيمي تأييدًا من الغالبية العظمى في الكيان الصهيوني، وعندما سئل الحاخام اليهودي موشي ليفنجر عما إذا كان يشعر بالأسف على من قتلهم غولدشتاين، ردَّ قائلًا: "إن مقتل العربي يؤسفني بالقدر الذي يؤسفني مقتل ذبابة"، حسبما ذكر ذلك الكاتب اليهودي يسرائيل شاحاك في كتابه الشريعة اليهودية.

كان لمذبحة الحرم الإبراهيمي نتائجها وآثارها السيئة على الفلسطينيين، فبعد المجزرة تعطلت الحياة الفلسطينية العامة في العديد من الأحياء والأسواق القديمة، ومنها سوق الحسبة، والذي استولى عليه المستوطنون كليًّا، والسوق القديم (العتيق)، وسوق القزازين وخان شاهين وشارع السهلة والشهداء، وشارع الإخوان المسلمين، وشارعي الشلالة القديم الذي يحتوي على السوق الأهم في المدينة، وشارع الشلالة الجديد وسوق اللبن وطلعة الكرنتينا وغيرها.

الجريدة الرسمية