السيدة الغائبة عن مائدة الرئيس!
في الوقت الذي كانت تُعد فيه الدعوات الرئاسية لإفطار الأسرة المصرية في بداية شهر رمضان المعظم، كانت تويتات المغردين و"بوستات" الفيسبوكيين تصب تعليقاتها على إعلان صندوق "تحيا مصر" الذي شهد ظهور الرئيس للمرة الأولى في إعلان تليفزيونى، إلى جانب الحاجة زينب الملاح تلك السيدة العظيمة التي جادت بممتلكاتها المتمثلة في "حلق ذهبى" لصالح صندوق "تحيا مصر" في إطار حملة تستهدف حث المصريين على مواصلة العطاء من أجل إثراء حصيلة الصندوق.
الحاجة زينب هي تلك السيدة التي سمعنا عنها منذ عدة أشهر بأنها قامت بتبرع بحلقها لصالح صندوق "تحيا مصر" وهى تلك السيدة الكفيفة التي لم يكن يدرى في مخيلتها هذا الاهتمام بها في دوائر الإعلام والتواصل الاجتماعى، الحاجة زينب لم تتبرع لحصول على منافع من الدولة أو من أجل تسهيل إجراءات حصولها على قـروض أو أراضٍ، "زينب" هي نموذج السيدة المصرية البسيطة التي تبدأ يومها بالدعاء لصالح العباد والبلاد بالخير والستر دون أن تكترث أن يلقى عليها الإعلام الضوء أو أن يصل صوتها لأبواق الإذاعات.
احترمنا الحاجة زينب وقدرنا وطنيتها قبل هذا الإعلان الذي ساء إليها وأصبحت مادته مدعاة للكوميديا الساخرة ولم تكن السيدة في حاجة لهذا الإعلان بل لم يكن صندوق تحيا مصر في حاجة لهذا الإعلان أيضًا! فصندوق تحيا مصر يُروج له من خلال المشروعات التنموية أو الخيرية التي نجح في تحقيقها منذ تدشينه.
وهنا أوكد أن صاحب فكرة وإخراج هذا الإعلان التليفزيونى بهذه الكيفية قد جانبه الصواب من وجهة نظرى وأصبحت مادة الإعلان مدعاة للسخرية والإسقاطات السياسية لدى شعب خفيف الظل ويسجل درجة عالية في الكوميديا الساخرة والنقد اللاذع.
الذين هاجموا الإعلان قالوا إنه دعوة للبسطاء لتبرعهم بما يملكونه من فتات لصالح مصر، في حين ينعم أثرياء الوطن في خيرات البلاد هكذا تحمل رسالة الإعلان كما رآها الكثيرون حتى وإن لم يقصد القائمون على الإعلان هذا الأمر.
قوة الإعلان وتأثيرة لا ترتبط بطول مدته وسرده قصة بقدر ما يرتبط بالمادة والرسالة المبتغاة، إعلان بسيط عن مشروعات صندوق تحيا مصر كان كفيلا أن يؤدى غرض الدعاية للصندوق والرئيس أكبر من أن يظهر في إعلان تليفزيونى.
بساطة الإعلان ووضوح رسالته أفضل بكثير من التكلف والمبالغة في التفاصيل، فهناك إعلانات بسيطة جدا ومدتها قصيرة وحققت تأثيرًا وقبولًا لدى المتلقى.
وجب علينا أن نعتذر جميعًا للحاجة زينب فهى ليست صاحبة قرار ظهورها في الإعلام بهذا الشكل وكنت أرى أن وجودها على مائدة إفطار الرئيس مع الأسرة المصرية تتويجًا لرمزية عطائها واعتذار من الأسرة المصرية لها.