أكل العيش
كانوا معنا لم نضبطهم يومًا متلبسين بحب جماعة الإخوان، بل ساءهم مثلنا زعامتهم لميدان التحرير في 25 يناير واستدعاؤهم لكبيرهم ومُفتيهم القرضاوى، وتجليسه على منصة في الميدان ليُلقى خطابه المشئوم، وساءهم مثلنا ظهور عناصر حماس في الجامع الأزهر واقتحامهم السجون، وغضبوا مثلنا من سرقة الإخوان لحكم مصر في غفلة أو يقظة من أولى الأمر في ذلك الوقت، كانوا معنا..
منهم من يظهر على الشاشة كمقدم برامج، ومنهم من يقف خلف الكاميرا كمخرج أو معد أو مصور، بل إن بعضهم عوقب بالاستبعاد من العمل لأنه دأب على مهاجمة الإخوان، وعدد منهم التزم المنزل بعد أن فشل في إيجاد فرصة عمل في القنوات المصرية، رأيت بعضهم حانقا على أصحاب القنوات، لأنهم وعدوهم بالعمل ولم يوفوا بوعودهم، كانوا معنا.. يتحدثون عن جيش مصر على أنه الملاذ والمنقذ من عمليات التقسيم التي طالت دول الجوار، وعن المجلس العسكري على أنه الضمانة الوحيدة للم شمل المصريين.
وفجأة.. وبسبب البطالة وضيق اليد.. تحولوا جميعًا لمعارضين.. يهتفون ضد الجيش وضد السيسي ومصر، متخذين من الجزيرة وأخواتها نوافذ لهم أو من قطر وتركيا ولندن أوطانًا، ومن أعداء الأمس ضيوفًا وأصدقاء، كانوا معنا.. واليوم أصبحوا ضدنا، يتربصون بنا ويُحرضون علينا، يشمتون في الشهداء، ويهللون للمصائب، وضعوا جماعة الإخوان في كفة.. ومصر بأرضها وشعبها في كفة وبالطبع.. كانت الغلبة للإخوان، ليس اقتناعًا بهم، ولا بفترة حكمهم.. فقط أكل العيش، حتى لو كان ذلك على حساب الأهل والأرض والعرض، وقفة قصيرة أمام كل من كانوا لنا زملاء..
نكتشف أنهم مجموعة من المستبعدين، استغنت عنهم قنواتهم فجأة، وربما كان بعضهم ضحية لأصحاب القنوات، ولم يجدوا أمامهم سوى الجزيرة وما تمخض عنها من قنوات الشر.. ففروا إليها هربًا من البطالة، كان سهلًا عليهم أن يغيروا مبادئهم، لما لا والدولار أصبح بديلًا للجنيه، وحياة الفنادق أصبحت بديلًا لمقاهى وسط البلد والنجومية بديلًا للظل، حتى لو كانت على حساب الوطن، إلى من كانوا زملاء لنا وباعوا وطنهم وأهلهم بحفنة دولارات..
لا تحدثونا عن المبادئ والقيم فأنتم الأداة التي استخدمتها قطر والإخوان، بعد أن أعمتكم بالمال وشهوة الظهور والطامة الكبرى لو كنتم لا تدركون ذلك حتى الآن، أعلم أنكم في ورطة، وأعلم أن الجلوس على مقاهى وسط البلد أصبح حلمًا أسمى وأغلى من مال الإخوان.
يا من كنتم زملاء وأصدقاء لنا.. ليس عيبًا أن تعلنوا توبتكم وتعترفوا بخطاياكم..وطارق عبد الجابر نموذجًا.
Besher_hassan1@yahoo.com