رئيس التحرير
عصام كامل

وقف إعلان «الحاجة زينب»!


من الأمور المضحكة المبكية أن ينتفض جهاز «حماية المستهلك»، ويصدر قرارًا بوقف بث إعلانات رمضانية لشركات (جهينة، الأهرام للمشروبات، قطونيل، دايس)، والتي ثبت -بحسب الجهاز- أن مضمونها «ينتهك الكرامة الشخصية، ولا يحترم الذوق العام والعادات والتقاليد المجتمعية، ويخرج على الآداب العامة، ويستخدم الأطفال بالمخالفة للمواصفات القياسية للإعلان رقم 4841 لسنة 2005 و5008 لسنة 2005».


أرجوك، لا تستعجب، فنحن بالفعل لدينا جهاز- «لا يراه إلا المؤمنون»- يسمى «حماية المستهلك»، ورئيسه يدعى «عاطف يعقوب»، وجميع العاملين به يحصلون على رواتبهم، وحوافزهم، ومكافآتهم من أموال الشعب.. والمفترض أنه يحمي المصريين من استغلال التجار الجشعين، والمحتكرين، والمستغلين، والفاسدين... إلا أنه لم، وأعتقد أنه لن يفعل.

جهاز «استغفال المستهلك» -كما أسميه دومًا- أرجع وقف بث إعلان «جهينة» إلى أنه يتضمن «إيحاءات جنسية مفهومة الكلام، واستخدام الأطفال بالمخالفة للمواصفات القياسية للإعلان، والترويج لنتائج غير حقيقية بأن حليب الشركة أفضل من حليب الأم»!

أما سبب وقف إعلان «بيريل» فإنه -وفقًا للجهاز- «يعرض شابًا يتطلع لكشف عورة شاب آخر أثناء قضاء حاجتهما بدورة مياه، بشكل يعتبر خروجًا على الآداب العامة»!

وهناك سبب آخر لوقف إعلان «بيريل»، وهو «السهم المنحي» في إشارة إلى «العضو الذكري»، وبمجرد أن «يسترجل» الرجل، ويشرب بيريل، «ينتصب السهم»، والمغزى مفهوم طبعًا، لكن يبدو أن إدارة الجهاز «استحت» أن تذكر هذا السبب؛ مراعاة للشهر الفضيل!

ثم كانت مبررات وقف إعلان «قطونيل» لأنه -بحسب الجهاز- «يعرض لقطات واضحة لملابس داخلية تجسد عورات سيدات، مستخدمًا مؤثرات صوتية تحمل إيحاءات جنسية صريحة، والترويج بالمخالفة لقانون المرور، وتعريض حياة أطفال للخطر».

بينما ذكر الجهاز أسباب وقف إعلان «دايس» إلى أنه «يظهر فيه جسد سيدة ترتدي ملابس داخلية فقط، ويشجع على الفجور؛ بتبرير الخيانة الزوجية»!

جهاز «استغفال المستهلك» في «شبه الدولة» ينتفض ضد «إعلانات» بزعم أنها تتضمن إيحاءات جنسية، وتستغل الأطفال، وتخالف الآداب العامة.. لكنه لم ينتفض وغول الأسعار يفترس الفقراء ومعدومي الدخل.. ولم ينتفض ضد «التجار» و«الحيتان» الذين يتفننون في مص دماء الشعب، ويفعلون به الفاحشة كل يوم، تحت سمع وبصر كل أجهزة الدولة.. كما لم ينتفض ضد فضائيات، وإعلانات الرقص، والعري، والمواعدة، والترويج للخرافات.. ولم نسمع له صوتًا ضد استغلال الأطفال في إعلانات «التسول» لصالح بعض المشروعات!

وإذا كان الجهاز جادًا في تطبيق القانون هذه المرة، فلماذا- وهذا هو الأهم- لم يتحرك لوقف إعلان «حلق الحاجة زينب» بدعوى أن هذا الإعلان مخالف للآداب العامة، ومخالف لما جاءت به الأديان السماوية التي تُحرم الكذب، والغش، والخداع، والاستغلال؟

هذه الآداب لم يلتزم بها الإعلان، الذي أثار موجة عارمة من الانتقادات والسخرية على مواقع التواصل الإعلامي؛ خاصة بعد أن «الحاجة زينب» أبدت «استياءها» من الإعلان، وأكدت -لوسائل إعلامية- أن ما جاء به ليس حقيقيًا، وأن رواية «الحلق» كذب ومحض افتراء.. ما يدل على أن هذا «السيناريو الهابط» من تأليف القائمين على الإعلان؛ لحث «الفقراء» على التبرع بآخر شيء يحتفظون به!

فهل «ينتفض» جهاز «استغفال المستهلك»، ويصدر قرارًا بوقف الإعلان؛ لأن صندوق «تحيا مصر» استغل قصة الحاجة «زينب»؛ لـ«الترويج لأنشطة الصندوق»، وتاجر بها في حملة إعلانية دون علمها، أو الحصول على موافقتها، وكذب على المشاهدين بتأليف قصة غير حقيقة عن قرطها.. أم سيثبت أنه من «بنها»، لأن «الجهة» التي تقف وراء هذا الإعلان «فوق القانون»، وأقوى من جميع الأجهزة الرقابية؟!

فاصلة منقوطة
في مصر.. يتبرع بعض الفقراء والمعدمين لصالح الأغنياء وكبار المسئولين!
الجريدة الرسمية