لله في خلقه شئون
أناس من خلق الله ومن نسيج هذا الشعب، هدفهم في الحياة العمل لتربية أبنائهم، والحصول على لقمة العيش بشرف وعرق، بعد عناء يوم طويل من العمل الشاق، في جو شديد حرارة أو شديد برودة، يسعى بنفس راضية وقلب مطمئن بأن الله لن يخذله ولن يضل سعيه، طالما حرص على رضاه وأداء فرائضه واتبع تعاليمه.
أمثال هؤلاء الناس تراهم من البسطاء الذين لا يملكون أبهة تجذب الناس إليهم، فيتقربون لهم بالهدايا أو تبادل التحية والاحترام إلا في أوقات الانتخابات، بل إن بساطة حالهم وتواضع أزيائهم تجعل كثيرا من عشاق المنظرة يبتعد عنهم، ظنا منهم أنهم سيأخذون منهم شيئا أو يطلبون منهم مطلبا، ولكن على العكس تجد من هؤلاء الطيبين والمكافحين من تهون عليه الدنيا، وعلى استعداد لتقاسم لقمة عيشه التي لا يمتلك سواها مع آخر غير قادر أو دار عليه الزمن ولم يعد يجد قوت يومه.
تلك هي طبقة البسطاء والمكافحين–السواد الأعظم من شعب مصر– وإن شئت قلت الطبقة المتوسطة رمانة الميزان لهذا المجتمع.. بلغة المثقفين أصحاب المصطلحات، تلك الطبقة التي تحمل مصر وقت الشدائد والأزمات، وتظهر بأسا شديدًا في مواجهة المشكلات والنكبات، هؤلاء هم من يخرج من أصلابهم العلماء والمثقفون والأبطال والشهداء، ويقدمون كل يوم أروع القصص والحكايات في الكرامة وعزة النفس وتحمل المصاعب والتفاني ونكران الذات.
هؤلاء البسطاء من شعب مصر تنظر في وجوههم فترى نظرة التفاؤل والأمل والرضا بقضاء الله وقدره، يستشعرون بفطرة سليمة معنى كلمة وطن ولا يرون لغير هذا التراب بديلا. هؤلاء البسطاء هم من استشعروا الخطر المحيط بوطنهم الغالي، فتكتلوا وتوحدوا صفا واحدا فصدوا مآرب الطامعين وهجمات المعتدين على أرض مصر من كل زمان ومكان.
هؤلاء البسطاء هم سر مصر ومكمن عظمتها، وحائط صدها المنيع والشامخ ضد المتآمرين عليها على مر العصور، تستشعر قيمتهم وأصالة معادنهم في كل قصة وعبرة، وحدث من أحداث التاريخ والوقت المعاصر، لا يفكرون في اكتساب سلطة أو منصب، ولا يتصارعون فكريا ولا سياسيا، ولا يملأ عقولهم كلام هؤلاء السفهاء من مدعي النخبة والثقافة ورجاحة الرأي ممن باعوا أوطانهم بحفنة من مال أو منصب وجاه، واتخذوا منابر مزيفة يبثون منها سموم الفرقة ونشر الحقد وتأجيج الصراعات.
لكن بفضل الله وحفظه ستظل مصر باقية ما ظل هؤلاء البسطاء واحتفظوا بعزة أنفسهم ونقاء سريرتهم وبشاشة وجوههم وحبهم لوطنهم، وأوجه لهم التهنئة والدعاء من أعماق قلبي في هذه الأيام المباركات بأن يحفظهم الله دائما كيانا واحدا وشعبا أصيلًا.ً وكل عام وأنتم بخير يا شعب مصر الطيب والأصيل.