رئيس التحرير
عصام كامل

محمد زكى عبد القادر يكتب: الصلاة والصمت

محمد زكى عبد القادر
محمد زكى عبد القادر

في جريدة الأخبار، وفى رمضان عام 1960 كتب محمد زكى عبد القادر في عموده «نحو النور» مقالا، قال فيه: تخيرت لى صلاة في هذا الشهر، والصلاة لا تكون بالركوع والسجود فحسب، ولكنها تكون بالكلمة خارجة من فؤاد صاف ونفس شفافة، صاعدة إلى السماء ابتهالا أو توسلا.


هي نوع من الإشعاع الخفى ينتشر بين السماء والأرض فيجمع بين التراب والنور، بين الخطيئة والمغفرة، بين الفناء والخلود.

ومن الصلاة مالا تكون الكلمة فيها ولا يكون الصوت، يكون بالصمت.. تصلى هذه الخلائق وتبتهل.. تأمل الشجر والزهر والماء والسحاب والأفق والنجوم الذابلة.

هي صامتة حقا، ولكن في صمتها تسمع التسبيح، وإنه لأقرب إلى السماء من الصراخ والضجيج.. والتأمل نفسه عبادة وصلاة، المريض الذي لا يقوى حتى على الكلام والحركة..ألا يصلى بقلبه ونفسه وروحه وكل جارحة فيه..أليست صلاته أقرب إلى السماء من كل صلاة؟

تأمل الفجر، تقرأ فيه حكمة الوجود وحكمة الصلاة، وحكمة الصمت، بل إنك لتحس أن الكلام يفسده، وأن الروعة التي ينشرها حولك وفى داخلك أعظم تعبيرا من كل صوت ومن كل صلاة.

إذا أصابك الصدأ وذبل الحب وذبلت الحياة في نفسك فانتظر حتى يطلع الفجر، وأنت ترى كيف تتجدد الحياة وكيف ينفلق النور من الظلام وكيف يولد النهار الصاخب من أحشاء الظلام الصامت.
الجريدة الرسمية