محمد عودة يكتب: نوادر «الديب» في رمضان
في مجلة «روز اليوسف» عام 1961 كتب الصحفى محمد عودة عن ذكرياته في رمضان، فقال:
كنا نجلس أنا وعبد الرحمن الخميسى وكامل الشناوى داخل مقهى الفيشاوى بالحسين، وفجأة سمعنا صخبا عاليا في الخارج، فلما خرجنا لاستطلاع الأمر، وجدنا عبد الحميد الديب في حالة هياج شديد واشتباك بالأيدى مع الشاب على لطفى وغيره من ماسحى الأحذية.
ربت كامل الشناوى على كتف الديب وهدأ من روعه وسأله إيه الحكاية ؟
قال الديب: ولاد الكلب رايحين جايين يسألوا الزبائن واحدا واحدا تمسح يابيه دون أن يسألنى أحد.
ونظر عبد الرحمن الخميسى إلى قدمى الديب فوجد حذاء ممزقا تطل منها أصابعه المتسخة، فنادي الخميسى على لطفى ماسح الأحذية المضروب، وقال له: عيب تزعل الأستاذ الديب، روح هات شوية مية واغسل له رجليه.
وحدث أن وجد الديب المسحراتى يستثنيه من بين سكان الحى الذي يطوف به وينادى عليه لتناول السحور ويمدح جودهم وكرمهم، فلم يجد الديب سوى أن يتفق مع المسحراتى على إيقاظه من النوم مع ذكر اسمه وصفته كشاعر، مع دقة خفيفة على طبلته ودفع له قروش زهيدة ووافق المسحراتى.
وفى إحدى الليالى فوجئ بالمسحراتى يواصل مهمته بشكل متكرر مع الدق المستمر على الطبلة، ما استفز الجيران وأطل بعضهم يلعن سلسفيل جدود الديب ويسخرون من مهنته كشاعر، ونزل الديب يسأل المسحراتى: ماذا حدث ؟ لقد اتفقت معك على النداء باسمى مع دقة خفيفة فقط ؟
قال المسحراتى: علمت أنك على وشك السفر إلى بلدك كمشيش، فقلت أخلص ذمتى وأعطيك حقك دفعة واحدة.