تأتي الطائرات بما لا تشتهي السياحة !!
لا تستطع السياحة أن تكون بمنأى عن معاكسات الوضع الأمني والواقع السياسي الذي اجتاح البلاد طوال الخمس سنوات الماضية، فهى كصناعة حساسة لا يمكن أن تعمل بمعزل عن الأنشطة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية، خاصة أن الجميع يعلم عُمق الأحداث التي شهدتها البلاد في إطار ثورتين وما تخللهما من بعض صور الانفلات الأمني في ظل إعلام دولى يؤجج نيران الفرقة، ويبث صورًا غير حقيقية شوهت إلى حد ما الصورة الذهنية لمصر في الخارج.
ومع بوادر الاستقرار الأمني والسياسي وتمتين جسور التواصل مع الأشقاء العرب بدأت السياحة نقطة استرداد عافيتها، وكانت النتائج إيجابية إلى حد ما فيما يتعلق بالسياحة الوافدة من الدول الأوروبية أو العربية خاصة مع بوادر الاستقرار الأمني والسياسي والعمل الدءوب من قبل وزارتي السياحة والخارجية نحو تحسين الصورة الذهنية لمصر في الخارج.
ويبدو أن الرياح تأتي بالفعل بما لا تشتهي السياحة، فلم تكد السياحة تفوق من أزمتها وتصل إلى نقطة انطلاقها مرة أخرى حتى واجهتها أزمة الطائرات الثلاث، والتي بدأت بالطائرة الروسية المنكوبة نهاية أكتوبر الماضى، أعقبها اختطاف طائرة مصرية وتوجيهها إلى قبرص، انتهاءً بطائرة مصر للطيران التي سقطت في سواحل البحر المتوسط حال عودتها من باريس وعلى متنها 15 سائحًا فرنسيًا و30 مصريًا، إن حوادث الطيران تسهم بشكل سلبي في تشويه الصورة الذهنية، خاصة أن الطيران هو الناقل الرئيسى للحركة السياحية.
ونعي جميعًا الأزمات المتلاحقة التي واجهت القطاع السياحى خلال عام مضى بخلاف "أزمة الطائرات الثلاث"، كأزمة مقتل ريجينى وما خلفته من توتر في العلاقات المصرية الإيطالية وانحسار في حركة السياحة الوافدة من إيطاليا، هذا فضلا عن حادث مقتل السائحين المكسيكيين بطريق الخطأ بالواحات.
أصبح الآن لا مفر نحو تعزيز الجهود لجذب السياحة العربية التي تستطيع بالفعل أن تحدث حراكًا سياحيًا بالنسبة لمصر، ولابد من توجيــه الحملات الترويجية نحو الأسواق الواعدة والتركيز على التسويق الإلكتروني وبث رسائل إيجابية، والعمل على تجويد الطلب السياحى من خلال وضع أسعار مقبولة للخدمات السياحية المختلفة دون إفراط أو تفريط، والعمل نحو إثراء الأجندة السياحية بالفعاليات الفنية والرياضية الجادة التي تستطيع أن يكون لها أصداء إيجابية على الصورة الذهنية والأوضاع السياحية.
حقًا المهام ثقال والمسئولية مشتركة، كان الله في عون العاملين في هذا القطاع الهَش الذي عانى الكثير طوال الخمس سنوات الأخيرة، ولكن الأمل ما زال معقودًا أن تشهد الأيام القادمة انفراجة حقيقية في تدفق سياحي خاصة من الأسواق الواعدة كالصين والهند مع استمرار تشجيع السياحة العربية والداخلية.